صوتها الجميل ليس جميلاً وحسب. إنه مزيج من الجمال «الطبيعي» زائد جمال الأداء. جمال على جمال يمكن وصف صوت المغنية الشابة رنين الشعار التي قصدت «سوبر ستار» ذات عام مضى ولم توفق في الاستمرار حتى مراحل التصفيات الأخيرة التي تتوج «السوبر ستار». فخرجت، ومنذ ذلك الوقت دخلت الحياة الفنية غناءً وتمثيلاً، فأجادت في الأول وأجادت في الثاني... لكن في غياب شركات الإنتاج ذات العلم والمعرفة بالفنّ لم تتحرك رنين في اتجاه تقديم أغانٍ خاصة مناسبة... حتى الآن! على عكس والدها الفنان عبد الكريم الشعار الذي نال في «ستديو الفن 73» الميدالية الذهبية عن الغناء، بدأت رنين من ... اللاميدالية «الرسمية». وفي شكل تصاعدي متدفق، تعلمت بالتجربة والخبرة، فصارت نجمة الحفلات ذات المستوى المهرجاني. وكما أن الميدالية الذهبية لم تشفع لأبيها في الانتشار الجماهيري العريض كونه اختار نمط الأغاني الخاصة غير «الشعبية» الرائجة في حين حصد من نالوا في البرنامج ميداليات أقلّ قيمة، انتشاراً لبنانياً وأحياناً عربياً، فإن صوت رنين الشعار الرائع لم يشفع لها بإيجاد إنتاج غنائي يعبر عن موهبتها، لا في النمط الشعبي ولا في غيره. كأنَّ هناك قَدراً متشابهاً بين رنين والأب عبد الكريم. وإذا كان الأب قد استقال من تسجيل أغانٍ خاصة به وانصرف الى أداء الأغاني العربية القديمة الخالدة في المناسبات العامة الكبيرة أو المناسبات الخاصة، فإن رنين لم تَسْتَقِلْ بعد من البحث عما يشكل انطلاقة غنائية لها، ولو في الحدّ المقبول إذا كان الحد الأقصى أو الأفضل منعدماً... وإن تكن أغلب مشاركاتها الغنائية الحالية تستند الى الأغاني القديمة أيضاً. ولعلّ أجمل ما في صوت رنين الشعار هو قدرته على التصرف في أداء تلك الأغاني المعروفة. وهذا تحدٍّ كبير بالنسبة الى صوتها، وحتى الى ذاكرة الجمهور التي تحفظها. فالجمهور «مضطر» الى المقارنة بين الأغنية الأصلية بصوت صاحبها، والأغنية بصوت رنين، أو بأي صوت جديد. لكن شيئاً فشيئاً راح الجمهور نفسه، المتعصب للغناء القديم بالأسلوب القديم، يحبِّذ ويُشجِّع أسلوب الأداء الجديد عند جيل المغنين الجديد، ومنه رنين، وربما تستفيد رنين في هذا المجال من تجربة والدها الناجحة على هذا الصعيد، وأحياناً من تجربة الفنان جورج وسوف الذي أعاد إطلاق أغانٍ قديمة كادت تُنسى، ومن تجربتها هي. فردّ الفعل المرحّب، والمعجب بأدائها الأغاني القديمة المعروفة على طريقتها، وبإحساسها، وبالعاطفة الأنثوية الراقية التي تطل من صوتها وحضورها، شجعها على إكمال الطريق على هذا النحو... آخر البراعات الاستثنائية أبدتها رنين الشعار في مناسبة تلفزيونية أنشدت فيها أغنية فيروز «حبّيتك تا نسيت النوم». فهذه الأغنية التي شهدت ثباتاً في الذاكرة، واستمرارية في الحضور لدى الجمهور ولدى المغنين الجدد منذ إطلاقها أوائل الثمانينات وصولاً إلى اليوم، والتي هي من تلحين زياد الرحباني، مشحونة بأفكار شعرية وموسيقية، وباقتراحات أدائية عدة، ذلك أن الجمل اللحنية المنسابة طربياً تحفِّز الصوت ليقدم شخصيته. وبما أن شخصية فيروز الأدائية هي حال خاصة بها، فإنَّ رنين الشعار أفردت أجنحة صوتها وإحساسها فكانت الأغنية ذات أثر خاص أيضاً. والتصرف الجديد في الغناء القديم ليس نزهة بل مخاطرة اجتازتها رنين الشعار وتجتازها بنجاح. «تريد شركات الإنتاج، غير الإنتاج، تريد علاقات عامة» تقول رنين الشعار، إنها مأساة ينبغي أن لا تجرح خامة صوتها!