أغلب الظن أن يدور الكلام، في اجتماع قادة الحزب الشيوعي الصيني ال300، على مسألة واحدة هي نهج ون جياباو، رئيس الوزراء الصيني، في الإصلاح السياسي. ففي الأشهر الأخيرة، أبرز جياباو، في سلسلة من التصريحات، أهمية إصلاح النظام السياسي. وقد يستغل ون فرصة انعقاد مؤتمر الحزب الشيوعي الصيني السنوي لاقتراح مشروع اصلاح سياسي كبير. ولكن منح المعارض ليو تشياوبو جائزة نوبل للسلام قد يعوق مساعي رئيس الوزراء الصيني. وبرزت غزوة ون الخطابية الإصلاحية، في نيسان (أبريل) الماضي، حين كتب مقالة في ذكرى وفاة قائد الحزب الشيوعي السابق، هو ياوبانغ، الذي أطاحه محافظون معارضون من السلطة، في 1987. ورمزية المقالة قوية. فوفاة هو كانت الشرارة التي أطلقت موجة احتجاجات تيان ان مين، في 1989. وقال ون في المقالة المنشورة في صحيفة الحزب الشيوعي، «بيبولز دايلي»، أن هو «كرّس حياته للنضال في سبيل الأمة، ولم يوفر جهداً الا وبذله في سبيلها». وفي آب (أغسطس)، وفي زيارة الى مدينة شينزين جنوب الصين، وهي حاضنة الإصلاح الاقتصادي ومركزه، أعلن ان الإصلاح السياسي والتحديث الاقتصادي لا ينفصلان. فثمار الإصلاح الاقتصادي تتلف من غير اصلاح سياسي، على قوله. وفي مقابلة مع محطة «سي أن أن» الشهر الماضي، خرج ون عن التحفظ والإيحاء، وقال صراحةً أن الحزب الشيوعي ملزم العمل بوحي من الدستور والتزام القانون. و «حرية التعبير لا غنى عنها، في أي بلد كان... فرغبة الشعب في الحرية والديموقراطية وحاجته اليهما لا تحتملان الصد أو المقاومة». ويرى جينغ هوانغ، الأستاذ في جامعة سنغافورة الوطنية، أن ون يحاول تعبيد الطريق امام الإصلاح السياسي، قبل تقاعده في 2012. و «ون جياباو رجل حذر، وهو لن يقدم على خطوة جريئة وكبيرة ما لم يحسِب أنها مقبولة في أوساط شريحة لا يستهان بها من الحزب (الشيوعي) والمجتمع»، على ما يقول جينغ. ولكن بعض المثقفين الصينيين يخالفون جينغ الرأي. فالإحباط أصابهم جراء طول انتظار الإصلاح في عهد ون وهو جنتاو، الرئيس الصيني. ويرى هؤلاء أن رئيس الوزراء والرئيس الصيني محافظان سياسياً، ويكتفيان بالكلام عن تغيير النظام السياسي. ونشر ييو جيا، وهو كاتب في ال 37 من العمر، كتاباً تناول فيه سيرة رئيس الوزراء ون عنوانه «أبرع ممثلي الصين» يهزأ بطريقة تعاطف ون المسرحية مع الجمهور. ف «هو وون هما وجهان لعملة واحدة. ويتصدر الاستقرار أولوياتهما... وعدد كبير من الأدباء والمثقفين لا يضعون آمالهم في ون»، على قوله. وعدد كبير من المسؤولين الصينيين يطعن في الإصلاح السياسي. ومن هؤلاء زهو يونغ كانغ، وهو أبرز مسؤول أمني صيني. وشارك زهو، أخيراً، في عرض الرئيس الكوري الشمالي، كيم جونغ ايل، وظهر في الصور واقفاً الى جانبه. وندد زهو، في مقالة، ب «أفكار الغرب الضالة». ولذا، يرى بعض المحللين أن دعوات ون الى الإصلاح السياسي ليست سوى تكتيك لاحتواء النخب الليبرالية في الحزب الشيوعي من أمثال مسؤولي البروباغندا الرسمية السابقين الذين يطالبون بتخفيف قيد الرقابة عن وسائل الإعلام. والمعلومات قليلة عن مضمون الإصلاح السياسي المزمع والمزعوم. فهو قد يشمل توسيع صلاحيات مجلس الشعب الوطني او ضمان حرية التعبير. ولكن المسؤولين الصينيين لا يتناولون الإصلاح من هاتين الزاويتين. وعند الكلام على الديموقراطية، يقصدون تنظيم عدد أكبر من جولات الاقتراع لتوزيع المناصب في الحزب الشيوعي، وليس منح الشعب حق الاقتراع. * مراسل، عن «فايننشال تايمز» البريطانية، 14/10/2010، اعداد منال نحاس