تروي الأسطورة اليونانية القديمة عن «إيكاروس» الذي كان محتجزاً وأباه في جزيرة كريت عقاباً لهما من مينوس ملك الجزيرة، أنهما استعانا بأجنحة ثبتاها على ظهريهما بالشمع للهروب من العقاب، وحلق الابن إيكاروس قريباً من الشمس متجاهلاً نصيحة والده فهوى صريعاً بعد أن أذابت أشعتها الشمع المثبّت لجناحيه. من وحي هذه الأسطورة اليونانية التي تقدم لنا نسجاً خيالياً لطموح الإنسان وتوقه الى الحرية، تعرض أعمال للفنان الأميركي فريد لاندر في القاهرة تفيض بأجواء من التأمل والروحانية. وجوه كثيرة حالمة تنظر اليك. بائسة، أو شاردة تبحث عن شيء ما، إنه الحلم. حلم الخروج من المتاهة، التحليق الى أعلى والفوز بالحرية التي تبدو بعيدة المنال. الإنسان المجنح هو العنصر المشترك بين هذه الأعمال التي عرضت تحت عنوان «أجنحة الحوار» وهي من إبداع لاندر الذي يدرّس التصميم الغرافيكي والرسم والتصوير في الجامعة الأميركية في القاهرة. ويتردد اسم فريد لاندر في الآونة الأخيرة كأحد المصورين والمهتمين بالفوتوغرافيا وصناعة الأفلام الوثائقية، لكن اهتمامه يتركز على نحو خاص بحياة الصوفية من رقص وموسيقى وأشعار، خصوصاً ما تعلق منها بالطريقة «المولوية» المنتسبة إلى جلال الدين الرومي. ثمة عوامل مشتركة وأخرى متباينة بين أسطورة إيكاروس والتصوف يحاول لاندر الإشارة إليها من خلال التجربة التي يعرضها في القاهرة، مؤكداً هذه العوامل من خلال عرضه اثنين من الأفلام الوثائقية الخاصة به. الفيلم الأول بعنوان «رومي»، أما الآخر فكان «حلقات الذكر». يأخذنا الفيلمان إلى ذلك العالم السري حيث يتم استذكار كلمات جلال الدين الرومي في حلقات ذكر دراويش المولوية، وحاول لاندر أن يسلط الضوء من خلال الفيلمين على فلسفة الرومي وكلماته وإيحاءاته.