عقد في جامعة آل البيت مؤتمر دولي بعنوان: المؤتمر الدولي السابع لوحدة الدراسات العمانية في جامعة آل البيت: «ابن دريد الأزدي»، في المدة من 17 - 19 جمادى الأولى 1430ه، 12 - 14 أيار (مايو) 2009م، بمشاركة مائة وسبعة باحثين، يمثلون أربعين مؤسسة علمية مرموقة، وناقش المشاركون على مدار ثلاثة أيام، وفي اثنتي عشرة جلسة علمية، قرابة مئة ورقةٍ علميةً، تناولت ابن دريد الأزدي، من حيث: سيرته وترجمته، وآثاره ومؤلفاته، وجهوده في الصرف والاشتقاق وصناعة المعجم وفقه اللغة والمعجمية، وانتاجه الشعري، وجهوده في الرواية والأنساب والأيام والقبائل، وتأثره بالعلماء السابقين، وتأثيره باللاحقين، وصورته في آثار الدارسين. وقد راعى المؤتمر وحدة الدراسات العمانية في جامعة آل البيت، وبالتعاون مع سفارة سلطنة عُمان في المملكة الأردنية الهاشمية، وتحت رعاية رئيس جامعة آل البيت، الأستاذ الدكتور نبيل شواقفة. وقد خلص المشاركون في هذا المؤمر الدولي الى توصيات عدة منها: دعوة الباحثين الى القيام بالمزيد من القراءات العلمية في تراث ابن دريج الأزدي في ضوء المناهج اللسانية والنقدية واللغوية، وتحقيق ديوانه تحقيقاً علمياً، لأن ذلك من شأنه أن يرفع ما لحقه من حيف، ويكشف عن مكانته واسهاماته العلمية. دعوة المؤسسات التربوية والعلمية في الوطن العربي الى ضرورة تضمين محتوى خططها الدراسية ومناهجها التعليمية في المراحل كافة تعريفاً بأعلام الأمة العربية والإسلامية وتراثهم وجهودهم، وايلاء تراث ابن دريد عناية أكبر لما هو قمين به. دعوة الباحثين والجهات المعنية في عُمان الى البحث عن مخطوطات جمهرة اللغة لابن دريد غير التي اعتمد عليها عند نشر هذا الكتاب. انتخاب مجموعة بحثية من المشاركين ممثلة لأقطار المشاركين، تضطلع بإعداد كشاف يشتمل على ما كتب عن ابن دريد وتراثه. دعوة وحدة الدراسات العُمانية في جامعة آل البيت وبالتنسيق مع المراكز البحثية ذات الصلة الى اقامة مؤتمر دولي في العام المقبل في أحد المواضيع الآتية: (المبرّد)، أو (أعلام في الأدب العماني)، أو (لهجات عمان قديماً وحديثاً)، أو (أبو بكر أحمد بن عبدالله الكندي)، أو (الدراسات اللغوية والأدبية في عمان). ويذكر إن انشاء وحدة الدراسات العُمانية في جامة آل البيت قامت منذ تأسيسها بمهمة التعريف بعُمان وتاريخها وعلمائها وجوانب نهضتها الحديثة، سواء من خلال عقد المؤتمرات والندوات العلمية المتخصصة أو نشر الكتب والدراسات وإقامة معارض التراث. ونظمت حتى الآن سبعة ملتقيات علمية آخرها هذا المؤتمر، ونشر حصيلة هذه الندوات والمؤتمرات في كتب علمية رصينة، أهدتها للمكتبة العربية عموماً وللمكتبة العُمانية خصوصاً آخرها حصيلة أعمال الندوة الدولية التي عقدت في العام الماضي حول العلامَة العُماني العوتبي الصُحاري. إن تنظيم مؤتمر حول العلامة ابن دريد الأزدي يأتي استكمالاً لمشروع طموح بدأته الوحدة للتعريف بعلماء الأمة الأفذاذ ممن ينتمون بأصولهم الى عُمان أو ممن أنجبتهم عُمان عبر تاريخها، فكانت اللبنة الأولى الندوة التي نظمتها الوحدة عام 2005 حول العلامة الخليل بن أحمد الفراهيدي، ثم في عام 2008 حول العلامة العوتبي الصحاري، وجاءت ندوة هذا العام ترجمة لتوصيات الندوة السابقة بعقد هذا المؤتمر حول العلامة ابن دريج الأزدي، في قراءة لدور هذه الكوكبة الخيِّرة من علماء الأمة تحفر في العمق في حياة أولئك العلماء وعصرهم ومدى ما أسهموا به في تطور العلم والمعرفة. ولعل اختيار شخصية ابن دريد محوراً للدراسة هذا العام خطوة صحية في هذا الاتجاه، فهو من الشخصيات التي بالرغم مما أسهم به من اسهامات جليلة تضعه بين مصاف العلماء الأفذاذ الذين أنجبتهم حضارتنا العربية الإسلامية، إلا أنه لم يلق من القدامى والمحدثين ما يستحقه من تقدير. ولم يفرد له من الدراسات والبحوث، ويعقد له من الندوات المتخصصة ما يوازي قيمته العلمية وقيمة اسهاماته، ولعل هذا المؤتمر بالمحاور التي أُعلن عنها، والكم الطيب من البحوث والأوراق التي ساهمت هذه الكوكبة الخيِّرة من العلماء في إعدادها، محاولة رائدة تضع اللبنات الأولى في انصاف هذا العالم الجليل وابراز اسهاماته القيمة واضافاته الجليلة لعلوم العربية، وتضعه في المكان اللائق بين أقرانه من العلماء الأفذاذ الذين أنجبتهم الحضارة العربية الإسلامية عبر تاريخها. ويذكر في هذا الصدد أن من أهم الشخصيات العلمية المرموقة التي شاركت في المؤتمر فضيلة الأستاذ الدكتور عبدالعزيز المانع - الحاصل على جائزة الملك فيصل، والأستاذ بجامعة الملك سعود، وقد قدمت له جامعة آل البيت درعاً تكريمياً لمشاركته في المؤتمر - وقد قدم بحثاً بعنوان: قراءة من جذاذات عن المرأة عند ابن دريد، وتحدث عن صفات المرأة من الفم الى أسفل القدمين، وبين في تلك الجذاذات جوانب كبيرة من المسكوت عنه في الثقافة العربية. إذ عرض «الباحث المانع» لها مبيناً لثقافة الذوق في ذلك العصر، وتعد تلك الجذاذات بذرة لدراسةٍ وافية عن الجسد في فكر ابن دريد، كما بين «المانع» دقة العلامة ابن دريد في تقصيه لوصف المرأة، واقترح - أخيراً أن يضاف على بحثه - أن يضاف لتلك الصفات الأنثوية ما يقابلها من ذكر للصفات الذكورية، وأثر ذلك في نظرة كل منهما للآخر كما بينها ابن دريد. * كاتب تركي.