باريس - أ ف ب - تستضيف مدينة دوفيل الفرنسية غداً وبعد غدٍ قمة بين الرئيس نيكولا ساركوزي ونظيره الروسي ديميتري مدفيديف والمستشارة الألمانية أنغيلا مركل. تهدف إلى تعزيز انفتاح موسكو على الغرب بعد 20 سنة من انهيار جدار برلين. وقبل شهر من قمة الأطلسي أراد ساركوزي من هذا اللقاء أن يكون فرصة لمناقشة استراتيجية في «العمق» حول مستقبل العلاقات التي تريد روسيا ان تقيمها مع «عدوتيها السابقتين» في زمن الحرب الباردة. وأوضح مصدر في الرئاسة الفرنسية أنه «لقاء مناقشات معمقة حول الأفكار والأفكار المسبقة» مضيفاً «يبدو أن روسيا تتجه بأنظارها أكثر فأكثر في اتجاه الغرب، ومن شأن لقاء دوفيل ان يكون فرصة لتشجيع هذا التطور الذي نعتبره إيجابياً». وتتطلع فرنسا إلى أن تعزز المواقف الأخيرة للرئيس الروسي ذلك الأمل، حتى أن أحد المقربين من ساركوزي قال «يبدو أن روسيا تكتشف مجدداً مزايا التعاون مع الغربيين». ورحبت باريس بالتوقيع في نيسان (أبريل) 2009 على معاهدة ستارت جديدة بين روسياوالولاياتالمتحدة لخفض عدد الرؤوس النووية في ترسانتي البلدين، كما رحبت بتعاون موسكو في الملف الأفغاني وتطبيقها العقوبات الأخيرة التي فرضها مجلس الأمن على ايران «بحذافيرها». لكن فرنسا تعتبر أن هذا التطور لا يزال «هشاً»، والدليل على ذلك هو الانتقادات المتكررة التي توجهها موسكو إلى الحلف الأطلسي ومشروعه إقامة درع مضادة للصواريخ، فضلاً عن علاقاتها التي ما زالت صعبة مع بلدان في المعسكر الشرقي سابقاً مثل دول البلطيق ومولدافيا ورومانيا. وعلى رغم هذه الأمور المثيرة «للاستياء» يعتبر ساركوزي ومركل أن الوقت ملائم لمحاولة ربط موسكو نهائياً بالغرب. وقد تبنى الرئيس الفرنسي قبل سنتين في ايفيان (شرق) فكرة روسيا التوقيع على «معاهدة أمنية جديدة» تشمل منطقة تتراوح من «فانكوفر إلى فلاديفوستوك»، مقترحاً إنشاء «فضاء اقتصادي وبشري وأمني مشترك» بين روسيا والاتحاد الأوروبي. ويعتقد الديبلوماسي الألماني فولفغانغ ايشنغر الذي يرأس مؤتمر ميونيخ حول الأمن «أن الظروف مؤاتية كي نحقق جدياً هذه الشراكة (مع روسيا)، وأن نكف نهائياً عن اعتبار (روسيا) عدواً». وينوي مدفيديف اغتنام فرصة زيارته النورماندي للدفاع عن مشروع «معاهدة الأمن الأوروبية» التي اقترحها والمطالبة مجدداً بإعفاء المواطنين الروس الراغبين في الدخول إلى الاتحاد الأوروبي من شرط الحصول على تأشيرات، كما أفاد مستشاره سيرغي بريخودكو. وقد يعلن أيضاً مشاركته في قمة الحلف الأطلسي وروسيا المقرر عقدها في لشبونة. ولخّص الكرملين في بيان، أن من شأن هذا اللقاء أن «يسهّل قيام عالم متعدد الأقطاب يحول دون هيمنة أي دولة لوحدها». وباقتصاره على ثلاثة مشاركين، أثار اللقاء المرتقب استياء بعض الغائبين مثل ايطاليا، شريكة روسيا التجارية الكبيرة وبولندا، جارتها الكبيرة وحتى الولاياتالمتحدة. وبقصد تهدئة الخواطر، أكدت باريس للدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي أنه لن يتخذ أي قرار في دوفيل وأنها ستطلعها على فحوى المناقشات. أما الأميركيون «فلا يمكن الاستغناء عنهم لكن ليس ممنوعاً التحدث عن الأمن بين أوروبيين»، كما قالت الرئاسة الفرنسية. وقبل ان يجتمعا مع مدفيديف حول مأدبة العشاء غداً، سيكون لساركوزي ومركل فرصة لتنسيق مواقفهما في إطار محادثات ثنائية. ويخوض البلدان منافسة تجارية حامية في روسيا، وتختلف آراؤهم الاستراتيجية أحياناً كما دل على ذلك النقاش الأخير حول مشروع الدرع الصاروخية.