تخطت حصيلة قتلى العبارة الكورية الجنوبية التي غرقت (الثلثاء) الماضي مئة قتيل، وهو رقم يتوقع أن يرتفع بشكل كبير في وقت ينشط الغطاسون بحثاً عن نحو مئتي مفقود معظمهم من التلاميذ يرجح أن يكونوا قضوا جميعاً في الحادثة. وأتاح هدوء البحر وتحسن الأحوال الجوية تسريع عمليات البحث غير أن الرؤية لا تزال ضعيفة جداً تحت الماء ويتقدم الغطاسون بصعوبة في دهليز الممرات والمقصورات داخل العبارة الغارقة تماماً. وقال متحدث باسم خفر السواحل: «لا يزال الوضع صعباً جداً بالنسبة للغطاسين الذين يتحسسون طريقهم بحثاً عن الجثث في مياه موحلة». وبحسب الحصيلة التي أعلنتها السلطات، هناك 104 قتلى مؤكدين فيما لا يزال 198 شخصاً في عداد المفقودين. وكانت العبارة تقل 476 شخصاً حين جنحت وغرقت صباح السادس عشر من نيسان (أبريل) قبالة سواحل جنوبكوريا الجنوبية. وكان على متن العبارة «سيول» المتوجهة إلى جزيرة جيجو السياحية جنوب البلاد 352 تلميذاً قدموا من ثانوية جنوب سيول في رحلة مدرسية. وكان يرافقهم مساعد مدير المدرسة الذي انتحر الجمعة. وتجمع أقرباء المفقودين صباحاً في مرفأ جيندو الجزيرة المجاورة لموقع الكارثة في انتظار وصول قوارب الإنقاذ التي تنقل بوتيرة متسارعة الجثث التي يتم انتشالها. وكان أقرباء المفقودين يعربون في الأيام الأولى التي أعقبت الحادثة عن إحباطهم حيال بطء عمليات الإنقاذ، إذ لم يكن بوسع الغطاسين دخول العبارة بسبب قوة التيارات في المنطقة. غير أن الأمل تبدد الآن في العثور على ناجين وباتت العائلات تطالب الغطاسين بانتشال الجثث بأسرع ما يمكن قبل أن تتلف في المياه. وقال والد أحد التلاميذ «كل ما أريده هو رؤية ابني، أريد أن أتمكن من حمله بين ذراعي وتوديعه. لا أحتمل فكرة أن يكون في هذا المكان البارد والمظلم». وأحدثت مأساة العبارة «سيول» صدمة في كوريا الجنوبية، البلد الذي يفتخر بالتقدم الذي تمكن من أحرازه في العقود الأخيرة. وبعدما خرجت كوريا الجنوبية منهكة ومنكوبة من الحرب الكورية، باتت اليوم بلداً غنيا يتمتع بمستوى معيشي مرتفع ويتصدر العالم في عدد من القطاعات الاقتصادية، وهو يمتلك نظاماً ديموقراطياً قوياً بعدما حكمته ديكتاتورية على مدى ثلاثين عاماً. ولا يفهم الكوريون الجنوبيون كيف وقعت مأساة بهذا الحجم في بلادهم. ويعرب أهالي الضحايا وكذلك الصحافة والرأي العام عن استغرابهم وغضبهم والمهم في انتقادات لاذعة تستهدف بصورة عامة السلطات. وتم التعرض إلى خفر السواحل ومسؤولين سياسيين كبار بينهم رئيس الوزراء وانتقدت فرق الإنقاذ لبطء العمليات. غير أن الغضب ينصب بصورة رئيسة على قبطان العبارة لي جون سيوك والذي أوقف مع ستة أفراد من الطاقم ويلاحق بتهمة الإهمال والتقصير في ضمان سلامة الركاب. ويؤخذ عليه التأخير في إخلاء العبارة حين كان ذلك لا يزال ممكناً، بعد الصدمة التي جمدتها وقبل أن تجنح وتغرق في قعر الماء بعد أربعين دقيقة، وفيما بعد غادر السفينة بينما كان مئات الركاب لا يزالون فيها محاصرين وسط المياه التي تدفقت إلى داخلها. والقبطان والقسم الأكبر من الطاقم هم من بين الأشخاص ال174 الذين عثر عليهم أحياء بعد قليل من وقوع الحادثة. واعتبرت رئيسة كوريا الجنوبية بارك غوين هيي التي تم التعرض لها خلال لقاء متوتر مع أهالي المفقودين الأسبوع الماضي، أن ما فعله قبطان العبارة وطاقمها هو «بمثابة جريمة قتل». وكشفت اتصالات نشر مضمونها في نهاية الأسبوع بين السفينة والسلطات البحرية عن الهلع المسيطر على الطاقم الذي عجز عن اتخاذ قرار فيما كانت العبارة المسمرة على وشك الغرق. وتتوقع فرق الإنقاذ أن تقارب الحصيلة 300 قتيل بعدما تبددت الآمال في العثور على أحياء لجأوا إلى جيوب هواء قد تكون متبقية داخل العبارة الغارقة في الماء. وستكون هذه الحادثة من أسوأ الكوارث التي شهدتها كوريا الجنوبية في تاريخها الحديث.