لمعت فكرة الكتاب في رأس فرانسيسكو ديوينا، حين شاهد مايكل جوردان يفوز بكأس "الرابطة الوطنية لكرة السلة" (إن بي أي) للمرة الخامسة. ويصف المشهد في الملعب كالتالي: "كانت قصاصات الورق الملون لا تزال تنهمر. وكان جوردان لا يزال يتعرق". ركزت الكاميرا على نجم كرة السلة الذي رفع ستة أصابع، في إشارة إلى أنه لن يكل ولن يمل حتى يفوز بالكأس للمرة السادسة. "شعرت بشيء ما في ذلك المكان وذلك الزمان"، يقول ديوينا. "سألت نفسي: متى يكتفي المرء؟ ماذا على المرء أن يفعل كي يخمد تلك الرغبة؟" واليوم، بعد 16 سنة، أصدر ديوينا، الأستاذ في "كلية بايتس" كتابه "الفوز: تأملات في هوس أميركي". ويمثّل العمل الذي نشرته "مطبعة جامعة برنستون" تحليلاً نقدياً للمنافسة في المجتمع المعاصر، في مجالات تشمل السياسة والأعمال والرياضة والترفيه. يكتب ديوينا، الذي يدرّس المادة الوحيدة في الولاياتالمتحدة المتعلقة بسوسيولوجيا المنافسة: "الظاهرة في كل مكان. أردت أن أجعل الناس يفكرون في أسباب انخراطهم في منافسات". عرف هو المنافسة حين حل في مراهقته مهاجراً إلى الولاياتالمتحدة من مسقطه إيطاليا. لقد أذهلته شدة المنافسة في المجالات كلها. يقول: "لم يعد في المنافسة من متعة إذ حلت محلها رغبة في قهر الآخرين جميعاً". في عالم الأعمال، يرى ديوينا أن الشركات الأميركية تتنافس قبل أي شيء آخر على الفوز بحصص في السوق. فالشركات الناجحة تملك حصصاً كبيرة، والشركات الطموحة تسعى إلى تعزيز حصصها. ويشير إلى أن المحللين يعزون أزمة قطاع تصنيع السيارات في الولاياتالمتحدة إلى تراجع حصته في السوق العالمية لصالح نظيره الياباني. ويمضي هؤلاء إلى الإشادة بالشركات التي تفتح لذاتها أسواقاً جديدة، فهنا لا تعزز الشركات هيمنتها بل تصنع هيمنة جديدة لذاتها من فراغ. ويضرب مثالاً شركة "ستاربكس" للقهوة التي فتحت سوقاً لم تكن موجودة هي سوق القهوة المتخصصة، فالقهوة المتخصصة كانت تمثّل واحداً في المئة من سوق القهوة في الولاياتالمتحدة، قبل أن تحولها "ستاربكس" إلى سوق قائمة بذاتها بعدما روجت لشرب القهوة كممارسة ممتعة بدلاً من عادة روتينية يقتصر هدفها على مد الجسم بالكافيين لتعزيز نشاطه صباحاً. ويشير إلى أن نجاح "ستاربكس" أصبح يُدرَّس في كليات إدارة الأعمال. وما يصح على الشركات، يصح في أمكنة العمل، وفقاً لديوينا. فالأداء الحسن للموظف يفضي إلى ترقية والترقية تفضي إلى منحه مكتباً مستقلاً، قد ترافقه سكرتيرة تمثّل، على حد تعبير الكاتب، "منطقة عازلة" بين خصوصية القابع في المكتب وسائر الفضاء المتاح في المؤسسة، أي الفضاء العام. ويقتبس من كتاب مرجعي حول عمل السكرتيرة التنفيذية التالي: "يتطلب عملكِ أن تكوني صلة وصل بين رئيسك وسائر الشركة". لكن ديوينا المنتقد لذهنية الفوز يقر في مقابلة صحافية بأنه غير محصن من خيبات الأمل، فهو يتوقع لنفسه أن يراقب أرقام مبيعات كنابه، مثله مثل أي كاتب آخر. يقول: "أنا شخص أملك أهدافاً، وأنا أسعى إلى تحقيق أهدافي بعزيمة".