على خلاف الاعتقاد السائد بأن القاهرة المكدّسة بالسكان (أكثر من 22 مليون نسمة)، وعشوائية كثير من مناطقها السكانية، تفتقر إلى ثقافة ممارسة الرياضة في الهواء الطلق، ازداد أخيراً عدد الأحياء القاهرية التي يركض في شوارعها أشخاص بملابس رياضية. في نيسان (أبريل) 2014 انتقدت صحيفة «غارديان» البريطانية القاهرة باعتبارها مدينة لا تصلح لرياضة الركض، بسبب تلوث الهواء وزحام الأرصفة بالمارة، وربما أيضاً بالسيارات، إضافة إلى التحرش بأي امرأة تمارس الركض في الشارع. ومع ذلك، يمكن القول إن القاهرة دخلت خانة المدن التي تمارس رياضة الركض في شكل ملحوظ منذ عام 2013 بفعل مبادرات منظمة أحياناً وحيل شبابية أحياناً أخرى. يخرج محمد خيري (26 سنة) من عمله في وسط القاهرة بعد منتصف الليل. ووقته لا يسمح بالذهاب إلى صالة مخصصة لممارسة الرياضة، إذ يعمل غالبية ساعات يومه، لذلك يعمد إلى ممارسة رياضة الركض، «لأحافظ على لياقتي البدنية، بعد جلوسي أمام الكومبيوتر في عملي لنحو 16 ساعة يومياً». ويركض خيري لمسافة تصل إلى آلاف الأمتار مرتين أسبوعياً، ويؤكد أنه لا يتعرض أثناء ذلك لمضايقات من أي نوع، بل كثيراً ما يجد تشجيعاً من المارة وركاب السيارات. تعد ضاحية مصر الجديدة من أكثر مناطق القاهرة التي يمارس قاطنوها رياضة الركض في الشارع، خصوصاً بمحاذاة سور حديقة «الميريلاند». وتتزايد أعداد الراكضين الذين تتراوح أعمارهم بين 20 و60 سنة، خصوصاً أيام الجمعة، وهو يوم العطلة الأسبوعية لغالبية المصريين. والأمر ذاته يحصل في الضواحي الأكثر رفاهية في القاهرة، كالزمالك والدقي والمعادي. وحديثاً انضمت المدن الجديدة على أطراف القاهرة إلى قوائم الضواحي التي تمارس فيها رياضة الجري، كمدينتي 6 أكتوبر والقاهرة الجديدة، «لقلة عدد السكان واتساع المساحات»، وفقاً لعدي إبراهيم (26 سنة) الذي كان يمارس الركض بانتظام في شوارع مدينة 15 مايو، جنوب العاصمة المصرية، لكنه توقف عندما انتقل إلى حي بولاق الدكرور المزدحم، «فالشوارع تغلب عليها العشوائية، وتتكدس فيها السيارات والدراجات ومختلف وسائل النقل العام، على مدار الساعة». ويقول: «انقطاعي عن الرياضة ترك أثراً سلبياً على حالتي النفسية، بعدما ترهل جسمي في شكل ملحوظ». في المقابل، لا تزال الفتيات أسوأ حظاً في ممارسة تلك الرياضة خارج الأندية. وتتمنى ولاء جمال (24 سنة) التي تقيم في إحدى ضواحي منطقة أهرام الجيزة، أن تمارس رياضة الركض في الشارع، «إلا أن ذلك غير ممكن في ظل المضايقات التي قد أتعرض لها». وتقول إنها كانت تمارس رياضة الجري في «النادي الأهلي»، ولها أصدقاء يركضون على جسر قصر النيل في السادسة صباحاً، فيما تكتفي هي الآن بالذهاب إلى صالة للألعاب الرياضية أحياناً. وبخلاف الجهود الشخصية، استطاع فريق CAIRO RUNERS الذي بدأ نشاطاته في عام 2013 إدخال الركض كطقس جماعي يمارسه الآلاف ضمن ماراثون في ضواحي هادئة نسبياً، «كوسيلة لتشجيع الناس على ممارسة الرياضة والاهتمام بصحتهم»، وفقاً لمؤسس الفريق إبراهيم صفوت الذي يؤكد أن لهم أيضاً أهدافاً إنسانية، منها دعم القضايا الاجتماعية، مثل التوعية بمرض سرطان الثدي.