أكد المؤرخ الرياضي محمد القدادي عدم وجود جهة مسؤولة معتد برأيها في ما يتعلق بالتاريخ الرياضي السعودي، وقال: «ليس هناك في الوقت الحاضر جهة مسؤولة معتد برأيها في ما يتعلق بالتاريخ الرياضي السعودي والذي يحييه أي تتصدى له الرئاسة العامة لرعاية الشباب على اعتبار أن هذا انجازها وتاريخها على الأقل في المرحلة التي عملت فيها، ولا بد من أن يكون لها دور في ذلك وبشكل مباشر بإعطاء الرواية الرسمية، لكن لدى اتحاد كرة القدم لجنة للإعلام والإحصاء حيث يعد الإحصاء أحد أذرع كتابة التاريخ، وهذه اللجنة غير مطالبة بكتابة التاريخ لكن عليها أن ترصد كل ما يتعلق بالمعلومات الإحصائية في الموسم الرياضي في كرة القدم وللأسف لم تقدم أي مطبوعة ولم نسمع عن أي دور لها أو نقرأ أي معلومة صادرة عنها». واضاف: «ويبقى بجانب دور الرئاسة وأجهزتها المختلفة جهود المؤرخين وهو موجودة حالياً يتراوح بين كتابة التاريخ والإحصاء وبينهما غلط من البعض وهو موجود بنسب دقة وصدقية مختلفة وبابتعاد عن المنهج العلمي لدى الغالبية الساحقة، وهذا مؤسف جداً». وواصل: «وللأسف أن جهودنا كمؤرخين غير مدعومة ومساندة أبداً ولا بالحدود الدنيا من رعاية الشباب والأقل أن تتحسن هذه الظروف الصعبة... وقد دعوت قبل سنوات عدة إلى تأسيس لجنة للمؤرخين السعوديين وأوصلت الفكرة إلى زميلي تركي الناصر السديري وطلبت من الأخ عبدالله المالكي كتابتها في عموده حيث كان له عمود وأنا لا أكتب في تلك المرحلة ويبدو أنه نشرها ولم يشر إلى صاحب الفكرة، وعلى العموم وفي ما يتعلق بالإحصاء فإن هناك من المهتمين من بعض الجمهور من يفوق بعض الإحصائيين المعروفين قدرة وإمكانات». من جهته، أشار المؤرخ الدكتور عمر سيف ساعاتي إلى أن الإجابة على سؤال: من يكتب التاريخ الرياضي سؤال بحجم التاريخ نفسه، مؤكداً أنه يمكن الاختزال من خلال تفنيد القول المأثور الشهير للمؤرخ العالمي أندريه جيد الذي يقول: «التاريخ يكتبه أكثر من شخص». وأضاف الساعاتي: «لكنني شخصياً على رغم من صحة قول المؤرخ أندريه إلا أنني أراه جواباً غير شاف، بل قد يفهم منه أن بإمكان أي شخص كتابة التاريخ وبالتالي يصبح التاريخ عرضة للتشويه والتطاول، كما هو حاصل الآن مع الأسف والحسرة الشديدين، وأرى أن تضطلع رعاية الشباب بمسؤوليتها في هذا الجانب، وتضيف إلى أدوارها بعداً جديداً يتعلق بالمحافظة على التاريخ الرياضي كإرث حضاري يجب صيانته بمنع كل من يحاول الخوض في هذا الأمر، ما لم تتوافر فيه عدد من الشروط والمقومات والتي من دونها لن يكون مؤهلاً للخوض في التاريخ، فكل من خاض في كتابة التاريخ حتى الآن مع التقدير لكافة الجهود لا يعدو كونه مجرد مؤرشف وراصد لأحداث فقط». وواصل: «ويُستثنى من ذلك بالطبع رائد التاريخ الرياضي وعميده الدكتور أمين ساعاتي، والذي كان الوحيد الذي يتخذ الأسلوب العلمي منطلقاً في تاريخه، وهو الوحيد الذي تتوافر فيه شروط المؤهل للكتابة عن التاريخ الرياضي، إضافة إلى بعض الاجتهادات التي قام بها بعض الزملاء لرصد تاريخنا الرياضي». ووضع الساعاتي شروطاً يرى من الضرورة توافرها في المؤرخ أو المتصدي للكتابة عن التاريخ الرياضي تتمثل «في أن يكون من الوسط الرياضي، وأن يكون سبق له ممارسة أحد المناشط الرياضية رسمياً، وأن يكون ممن عرف عنه الخلق الرفيع، وأن يكون ممن يتصف بالأمانة والدقة والحرص، إضافة إلى أن يكون حسن السمعة، ولم يسبق أن تعرض لعقوبة أو اقترف أي تصرف أو فعل غير أخلاقي، وأن يكون مثقفاً بدرجة عالية تمكنه القدرة على تحليل الأحداث بصورة علمية وفق الأساليب الإدارية والإحصاءة الحديثة، إلى جانب أن يكون ممن سبق له القيام بإجراء الأبحاث والدراسات الأصيلة أو تأليف الكتب المرجعية في المجال الرياضي». وفي ما يتعلق بالمسؤول عن التوثيق الرياضي يقول ساعاتي: «الحقيقة أتمنى من رعاية الشباب أن تهتم بهذا الجانب المهم جداً، والذي يعتبر إرثاً حضارياً كما أسلفت، كما أنه أحد المكتسبات المهمة في تاريخ بلادنا، ولعلي أجدها فرصة مناسبة تزامناً مع احتفالاتنا باليوم الوطني لأكرر تأكيدي على أهمية أن تتولى رعاية الشباب هذه المهمة، وإذا تطلب الأمر أن تتولاه وزارة الثقافة والإعلام سيما في ظل وجود الوزير الحالي الدكتور عبدالعزيز خوجة المعروف باهتماماته الكبيرة بكل الجوانب الثقافية». وعن رأيه في المجهودات الحالية من الأفراد قال: «الواقع أن ما شاهدنا ونشاهده حتى الآن ما هي إلا اجتهادات وإن كان البعض منها قام على جهود كبيرة يفترض أن تكون محل تقدير، ولكن التاريخ ليس مجرد رصد وتجميع لوقائع وأحداث وتحليل وتقييم ودراسات، بالإضافة إلى لتوثيق». وشدد على أن مسؤولية التأريخ الرياضي لا تتعلق برعاية الشباب كون المسألة ذات اختصاص بالشأن الرياضية، مشيراً إلى أنه لا يمنع أن تتولاها وزارة الثقافة كون الأمر يتعلق بموروث ومكتسب حضاري يستحق أن يحظى بعناية فائقة حداً. وعمّا إذا كان بالإمكان الاستناد إلى ما نشرته الصحف في مراحل تاريخية سابقة كوثائق يمكن الاعتماد عليها أجاب: «الصحافة ما هي إلا ناقل للخبر فقط وهي كما يرى الكثيرون مرآة للأحداث، ولا يمكن اعتبارها أو ما ينشر فيها مرجعية تأريخية أو وثائق يمكن الاعتماد عليها، لأن الخبر الذي ينشر قد لا يتحقق ولكن على رغم ذلك يمكن اعتبار بعض الأحداث التي تنشرها الصحافة وثائق إذا ما كان الأمر أو الخبر المنشور عبارة عن حدث تم بالفعل كما هو الأمر مثلاً بخبر إقامة مباراة ونتيجتها وأحداثها التي تكون قد وقعت بالفعل». واختتم حديثه قائلاً: «إن التاريخ هو ماضي الأمم، ومن لا ماضي له لا حاضر له ولا يمكن حتى استشراف مستقبل له، وكثير من الأمم التي ترعي التقدم تسعى الآن للبحث لها عن ماض يفاخر به، وحري بنا نحن أن نكون أول الأمم التي تهتم بماضيها، سيما وأن تاريخنا يزخر بماض تليد». من جانبه، أكد المؤرخ الرياضي عبدالله جارالله المالكي ان المخلصين من أصحاب الخبرة والدراية هم الذين يوثقون تاريخ الرياضة السعودية، مبيناً في الوقت ذاته أن الرئاسة العامة لرعاية الشباب هي المسؤول الأول عن توثيق الرياضة السعودية من الناحية الرسمية. وقال: «لاشك أن من يقوم بتوثيق تاريخ الرياضة السعودية حالياً على وجه العموم والكرة السعودية بصفة خاصة، هم متطوعون مخلصون لرياضة الوطن يملكون الخبرة والدراية مع معاصرة الأحداث أو استقاء المعلومة التاريخية من مصادرها من دون ميول أو أهواء والرئاسة العامة لرعاية الشباب مرجعية الرياضة في السعودية المسؤولة عن التوثيق رسمياً». وفي شأن المجهودات المبذولة حالياً من الأفراد على صعيد توثيق التاريخ الرياضي، أضاف: «لدي ولدى الإخوة أمين ساعاتي ومحمد القدادي، هي خير شاهد على المجهودات الفردية أو الجهود المخلصة التي بذلت من أجل توثيق وحفظ تاريخنا الرياضي». وبيّن المالكي أن اتحاد كرة القدم ليس وحده المسؤول عن مهمة التوثيق، مضيفاً: «بل جميع الاتحادات الرياضية السعودية تقع عليها مسؤولية أو مهمة حفظ تاريخنا الرياضي في مختلف الألعاب والبطولات المحلية والخارجية». وأشار المالكي إلى إمكانية الاستناد على ما ينشر في الصحف من حقائق ومعلومات تاريخية وبشرط أن تكون صحيحة وموثقة من مصادرها الأصلية، قائلاً: «بصفة عامة نقول إن التاريخ أمانة سواء ما ينشر في الصحف أو في الكتب والمؤلفات التي يعتمد أصحابها على التدوين والبحث ومعايشة الأحداث في كل زمان ومكان».