أكدت موازنة العام المقبل 2017 أهمية الإصلاحات الاقتصادية والهيكلية الشاملة لتقوية وضع المالية العامة وتعزيز استدامتها، ومواصلة اعتماد المشاريع التنموية والخدمية الضرورية للنمو الاقتصادي، وقالت إنه تم العمل على عدد من الإصلاحات المعلنة في بيان وزارة المالية للسنة الماضية، إذ تم إنشاء وحدة للمالية العامة في وزارة المالية وتكليفها بالعمل على تحديد سقف للموازنة العامة من خلال وضعها في إطار متوسط المدى (ثلاث سنوات) والتأكد من الالتزام بهذا السقف. وقالت إنه جرى إنشاء الوحدة وحُدّدت مهماتها وفق المعايير الدولية؛ بهدف تطوير الإطار المتوسط الأجل والقيام بالدراسات وتحليل جوانب الموازنة وقراراتها؛ ليمكن تقويم آثارها واقتراح السياسات المناسبة لتحقيق الأهداف المالية، ومن مهمات الوحدة، اقتراح سقف النفقات والإيرادات والحاجات التمويلية على المدى المتوسط مع الأخذ في الاعتبار الاستراتيجية العامة التي تصاغ على مستوى الحكومة، والعمل على بناء نموذج كمي للاقتصاد الكلي للمملكة، وإعداد التقارير الشهرية والربعية والدراسات والأبحاث للمساعدة على اتخاذ القرار وصناعته. كما تتولى الوحدة تقديم التنبؤات والتوقعات لمؤشرات الاقتصاد الكلي على المدى متوسط الأجل، وتحليل الفروقات بين التوقعات والنتائج الفعلية للموازنة وآثارها في توازن الموازنة، واقتراح الإجراءات اللازمة لتصحيح هذه الانحرافات، ومساعدة الوزارة على صياغة السياسة المالية والاقتصادية، وكذلك دعم الوزارة في متابعة تنفيذ السياسة المالية مع تعزيز القاعدة التحليلية للإصلاح المالي. وتتضمن الإصلاحات بدء تنفيذ مشروع تطوير وكالة الوزارة لشؤون الموازنة والتنظيم وتطبيق معايير الإفصاح والتخطيط للموازنة وفق أفضل الممارسات الدولية، وتم البدء جزئياً بتطبيقها في إعداد موازنة 2017، ويمثل إعلان الموازنة للعام الحالي بما يحويه من إفصاح وشفافية، خطوة أولى ومهمة نحو تحقيق هذا الهدف، ورفع تصنيف المملكة في مؤشر الموازنة المفتوحة. وأشارت إلى رفع كفاءة الإنفاق الرأسمالي من خلال مراجعة المشاريع الحكومية ونطاقها وأولوياتها لتراعي جودة وكفاءة التنفيذ من جهة، وتتوافق مع الأولويات والتوجهات والحاجات التنموية والمتطلبات المالية والتمويلية من جهة أخرى، ورفع كفاءة الإنفاق التشغيلي للدولة ويتضمن ترشيد نفقات الأجهزة الحكومية وتوظيف الاستخدام الأمثل للتقنية في تقديم الخدمات الحكومية، وتطوير وتفعيل آليات الرقابة. وجرى تأسيس مكتب ترشيد الإنفاق التشغيلي والرأسمالي لرفع كفاءة الإنفاق الحكومي والنظر في فرص تحقيق الاستدامة، وعمل المكتب على مراجعة المشاريع التي حُدّدت مسبقاً للوزارات الخمس الأعلى إنفاقاً في المملكة، وحُدّدت هذه المشاريع بأنها ذات العائد الاقتصادي الأقل مقارنة مع كلفتها إذ وفرت هذه المراجعة ما يقارب 80 بليون ريال في التكاليف، وسيستمر إطلاق المزيد من المبادرات التي تركز على رفع كفاءة مشاريع التنمية التشغيلية والرأسمالية، علاوة على الانتهاء من تحديث نظام المنافسات والمشتريات الحكومية ليراعي أفضل الممارسات الدولية. وتشمل الإصلاحات، تحسين منهج وآليات إدارة أصول الدولة، إذ يجري العمل على حصر هذه الأصول ومنها الأراضي والعقارات وتقويمها، وما يتطلبه ذلك من حساب للاستهلاك السنوي وأثره في المركز المالي للدولة، وتطوير أهداف وأدوات السياسة المالية بما في ذلك تحديد قواعد تتسق مع معايير الشفافية والرقابة والحوكمة، وتراعي الأهداف والتوجهات الاقتصادية والتنموية على المدى القصير والمتوسط والبعيد. ولفتت الوزارة إلى اتخاذ مجموعة من السياسات والإجراءات الجادة الرامية إلى تحقيق إصلاحات هيكلية واسعة في الاقتصاد الوطني وتقليل اعتماده على النفط، وتتضمن هذه الإجراءات التي سيتم تنفيذها خلال الأعوام الخمسة المقبلة بداية من العام الحالي، وطرح مجموعة من القطاعات والنشاطات الاقتصادية للخصخصة، وتذليل العقبات التشريعية والتنظيمية والبيروقراطية أمام القطاع الخاص، وإصلاح وتطوير الأداء الحكومي، وتحسين مستويات الشفافية والمحاسبة، وتعزيز بيئة الاستثمار بما يسهم في إيجاد فرص عمل جديدة في القطاع الخاص ويوفر فرصاً للشراكة بين القطاعات المختلفة، ورفع القدرات التنافسية للاقتصاد الوطني وتكامله مع الاقتصاد العالمي. وفي إطار سعي المملكة إلى تنويع مصادر الإيرادات، أنشئت وحدة مختصة بتنمية الإيرادات غير النفطية تحت مظلة مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، وتتلخص مهماتها في مراجعة جميع العناصر الحالية للإيرادات غير النفطية من الجهات الإيرادية الحكومية وشبه الحكومية، والإسهام في تنمية تلك الإيرادات من خلال تحسين آليات التنفيذ وأدوات التطبيق ورفع معدلات التحصيل وإضافة عناصر جديدة من الإيرادات بالتنسيق مع تلك الجهات، وبناء العلاقات التشاركية في ما بينها، ومتابعة صدور التشريعات والأدوات النظامية اللازمة، وتذليل العقبات التي تواجهها، ودرس الفرص الحالية لتحسين عوائدها والفرص الجديدة من خلال دراسة جدواها، وإجراء البحوث والمسوح الميدانية اللازمة بما يحقق الاستدامة المالية والتنوع في مصادر الدخل تحقيقاً لرؤية المملكة 2030. ولفتت الوزارة إلى إنشاء المركز الوطني للتخصيص الذي يعنى بوضع ومتابعة وتحديد السياسات والاستراتيجية والبرامج واللوائح التنفيذية والخطط والأدوات والأطر التنظيمية التي تحقق الأهداف ذات الصلة بمشاريع التخصيص ومشاريع ذات العلاقة بين القطاعين الحكومي والخاص، وتقويم استعداد وجاهزية الاقتصاد الكلي لبرامج التخصيص، وإدارة المخاطر والإسهام في تدريب وتأهيل الكوادر في مجال التخصيص. وحدد المركز جهات وأنشطة للتخصيص في 2017 في قطاعات مختلفة كالمرافق العامة والرياضة والصحة والتعليم والنقل ومطاحن الدقيق وخدمات البلديات، وتم من خلال 17 جهة حكومية تحديد 85 فرصة ومشروعاً ذا علاقة بالمشاركة بين القطاعين الحكومي والخاص. وشددت الوزارة على إعطاء الأولوية للاستثمار في المشاريع والبرامج التنموية التي تخدم المواطن بشكل مباشر كقطاعات التعليم، والصحة، والخدمات الأمنية والاجتماعية والبلدية، والمياه والصرف الصحي والكهرباء، والطرق، والتعاملات الإلكترونية، ودعم البحث العلمي، وكل ما يكفل تحسين نمط الحياة اليومية للمواطن.