تشهد صالات السينما في الولاياتالمتحدة وكندا اقبالاً منقطع النظير على العرض الأول لفيلم «ذا سوشيال نتورك» الذي يتناول قصة مارك زوكربرغ مؤسس «فايسبوك» عام 2003 وانطلاقته المتواضعة من غرفة ضيقة في جامعة هارفارد وتربعه على عرش الشبكات الاجتماعية ووصوله في فترة قياسية الى جمع ثروة طائلة قدرتها مجلة «فوربس» الأميركية بنحو 6 بلايين دولار ووصفته ب «اصغر بليونير في أميركا والعالم». هذه القفزات السريعة في حياة زوكربرغ المهنية والشخصية والاجتماعية لم تخل في الفيلم من إشارات واتهامات بالخيانة والاختلاس والأنانية والفضائح والدعاوى القضائية بين من كانوا بالأمس يشكلون فريق «فايسبوك» في عز انطلاقته ما جعل الفيلم مثيراً للجدل» على حد قول مخرجه ديفيد فينشر. الفيلم من إنتاج شركة سوني ومدته 120 دقيقة وكاتب السيناريو آرون سوكين. يتناوب على تأدية أدواره ستة ممثلين ابرزهم جيسي ايسبرغ في دور زوكربرغ واندرو غارفيلد في دور المدير المالي لفيس بوك وجاستين تمبرلنك في دور عبقري الإنترنت سين باركر. ويستند الفيلم على رواية «أصحاب الملايين العرضيين» التي تتحدث عن مرحلة تأسيس فيس بوك وما رافقها من قضايا الجنس والمال والعبقرية والخيانة. يشار الى ان الفيلم الذي عرض ملخص عنه في مهرجان نيويورك السينمائي الأخير، اجتذب آلاف المشاهدين في الشمال الأميركي وعرض في أسبوعه الأول في اكثر من 2800 صالة في أميركا وكندا وحصد ما لا يقل عن 30 مليوناً وبلغ متوسط العرض الواحد نحو 9000 دولار ما جعله يحتل المركز الأول من حيث إيراداته المالية. وكشف فينشر ان موازنة الفيلم بلغت 40 مليون دولار ويأمل بأن يحقق مردوداً يتجاوز 100مليون وأن يترشح للفوز بإحدى جوائز الأوسكار العالمية. من المفارقات اللافتة في الفيلم ظهور زوكربرغ في شخصية غريبة تجمع بين الانطواء والعبقرية والهوس بتسخير الإنترنت لعمل مبدع خلاق يجمع ملايين البشر في شبكة اجتماعية رائدة وبين تخليه عن رفاق المهنة وانقلابه عليهم وخيانته لهم وجنوحه الجارف نحو الثروة والشهرة الأمر الذي قد يترك لدى المشاهدين انطباعاً سيئاً قد يؤثر سلباً على شعبية فيس بوك العالمية. ويرى بعض النقاد ان الفيلم بالغ في سرد الأحداث الثانوية على حساب عرض الوقائع التاريخية والملابسات التي رافقت نشوء فيس بوك والعلاقات المهنية بين فريق العمل وما رافقها من توترات واتهامات ومواقف ساخنة بعضها لم يخل من السخرية وغلب على بعضها الآخر طابع المحاكمة. ومع ذلك يبقى الوجه الإيجابي للفيلم الذي قالت عنه صحيفة «هوليوود ربورتر» بأنه «رائع وينبغي مشاهدته وطريقه نحو الأوسكار مفتوحة ومفروشة بالورود». كما وصفت مؤسس فيس بوك بأنه «شخصية عظيمة ولكنها تحمل في داخلها دمارها الذاتي ربما بداعي جنون العظمة». أما زوكربرغ نفسه فهو على ما يبدو لم يكن راضياً عن الفيلم ووصفه بأنه «ممتع ولكن حياتي ليست مثيرة الى الحد الذي تحدث عنها بطريقة مغايرة ومؤلمة». في إشارة ربما الى شركة فيس بوك التي أبدت امتعاضها من الفيلم وأشارت الى سلسلة من الفضائح قد يكشف عنها لاحقاً وستؤثر على شعبية الموقع الاجتماعي عالمياً. ويرى البعض ان اعلان زوكربرغ عن عزمة التبرع بمليون دولار لمدارس (نيو آراك) في ولاية نيوجرسي هي محاولة ليس لإظهاره بالملياردير «المعطاء» وحسب وإنما امتصاصاً لنقمة قد تواجهه في الوسط الإعلامي والسينمائي.