نحن متفقون بداية على أن وسطنا الرياضي يعجّ بخليط من الدخلاء عليه، ومتفقون أيضاً على أن الإعلام الرياضي له نصيب من هذه التركيبة، لأننا تركنا الحبل على الغارب، وجئنا الآن بعد فوات الأوان، لنتحدث عن اختلال في الطرح، وجنوح في الكلمة...! ولا شك أن مساحة حرية الرأي التي يعيشها الإعلام، تجاوزت الخطوط، وأصبحنا نرى ونسمع ونقرأ كلاماً وأفكاراً تصل إلى درجة أن يتمنى إعلامي سعودي - علانية - خسارة فريق سعودي يشارك في بطولة خارجية، وأن تنضم جماهير أندية سعودية إلى منتديات أندية أجنبية تدعمها وتشجعها ضد ناد سعودي...! بل إنني استمعت إلى حديث لعضو شرف في نادٍ سعودي كبير، فصدمت من قوله إنه لن يشجع نادياً سعودياً - وسمّاه - لو شارك في بطولة خارجية، وقبل ذلك بسنوات تمنى عضو شرف آخر تدمير ناد منافس له، وهذه أحد مخرجات «النظام العام» للرياضة السعودية، والذي يتساهل كثيراً مع هذه التجاوزات...! وقد يرى البعض أن هذه الآراء الجريئة هي جزء من اللعبة، وأنها ظاهرة عالمية موجودة في دول العالم كافة، وهذا ربما يكون صحيحاً، وإن كنت أرى أن نسبة الظاهرة لدينا قد تبدو الأعلى على مستوى العالم، لسبب واحد، وهو اننا اعتدنا على أن نتعامل مع الأمور بطريقة عكسية، حتى نلفت الأنظار إلينا...! ومن اللافت أن أصحاب هذه الآراء هم اليوم «نجوم شباك»، ويعتبرون ضيوفاً دائمين على القنوات الرياضية، وقد نجحوا في كسب الجولة، وكنت أتوقع بخبرتي الصحافية أن يمنع أحدهم من الظهور في إحدى القنوات بعد أن قالها بلا حياء: «أنا في مواقع الإنترنت شخصية، وفي التلفزيون شخصية مختلفة»...! وعندما سأله المذيع: ولماذا هذه الازدواجية؟ قال سريعاً: «وهل تريدني أن أفقد ظهوري في القنوات الفضائية؟». إن المسؤولية في اعتقادي تبدو مشتركة بين وزارة الثقافة والإعلام، والرئاسة العامة لرعاية الشباب، وإن كنت أرى أنها تقع على «الوزارة» في المقام الأول، فما يحدث في البرامج الرياضية المختلفة لم يعد يندرج تحت مسمى «حوار»، أو «رأي ورأي آخر»، بل تعدى ذلك إلى معارك كلامية لا تخلوا من ألفاظ غير مقبولة، وتجاوزات تصل إلى القذف...! لن أدّعي المثالية، ولن أطالب جماهير الأندية السعودية بتشجيع الهلال والشباب، فتلك حرية شخصية، وهي نتاج المنافسات وقوتها، ونتاج فكر ووعي في المقام الأول، ولكنها لا تصل إلى تجريد هؤلاء من وطنيتهم، أو نعتهم بالخيانة، والمهم ألاّ نكون أشبه ب«الأراجوزات» وأن نتجنب أن يضحك الناس علينا، أو لنقل خيراً أو لنصمت. [email protected]