أبصرت حكومة جديدة النور في لبنان أمس (الأحد) بعد شهر ونصف الشهر من تكليف الرئيس اللبناني سعد الحريري تشكيلها، في خطوة تأتي تتويجاً لتسوية سياسية وافقت عليها معظم الأطراف الرئيسة في البلاد. وأكد الحريري، أن الحكومة الجديدة، هي حكومة انتخابات ستنكب خلال عمرها القصير، على معالجة ما يمكن معالجته من الأزمات وفي مقدمها النفايات والكهرباء والمياه، وان أولى مهماتها ستكون بالتعاون مع مجلس النواب بالوصول إلى قانون جديد للانتخابات «يراعي النسبية وسلامة التمثيل»، مبشراً بالوصول إلى قانون انتخابات «قريباً جداً»، إضافة إلى المحافظة على الاستقرار الأمني «وعزل دولتنا عن التداعيات السلبية للأزمة السورية». وحكومة الحريري هي الأولى في عهد الرئيس اللبناني ميشال عون الذي انتخب في 31 تشرين الأول (اكتوبر) بموجب التسوية نفسها، بعد شغور رئاسي استمر لأكثر من عامين ونصف العام، وانعكس شللاً على مؤسسات الدولة كافة. وتضم الحكومة الجديدة التي أطلق عليها الحريري تسمية «حكومة الوفاق الوطني»، ثلاثين وزيراً بينهم امرأة واحدة، من معظم القوى السياسية الكبرى في البلاد، في مقدمها «حزب الله»، والذي امتنعت كتلته النيابية عن تكليف الحريري بتشكيل الحكومة. واستحدثت في الحكومة خمس حقائب جديدة بينها وزارة الدولة لشؤون النازحين. وتعهد الحريري (46 عاماً) في كلمة من القصر الرئاسي اثر بيان التشكيل، أن «تضع الحكومة الجديدة على رأس أولوياتها المحافظة على الاستقرار الأمني الذي ينعم به لبنان في ظل الحرائق التي تعم المنطقة من حوله وعزل دولتنا عن التداعيات السلبية للازمة السورية». وفي خطوة لافتة، استحدثت خمس حقائب جديدة في حكومة الحريري، أبرزها وزارة الدولة لشؤون النازحين، في وقت يرزح لبنان البلد الصغير ذو الامكانات الاقتصادية الهشة تحت عبء استضافة اكثر من مليون نازح سوري منذ بدء الحرب السورية، في ظل عدم ايفاء المجتمع الدولي بكامل التزاماته في هذا الاطار. أما المناصب الأربعة الأخرى المستحدثة فهي وزارة دولة لشؤون مكافحة الفساد، وزارة دولة لشؤون رئاسة الجمهورية، وزارة دولة لشؤون المرأة ووزارة دولة لشؤون حقوق الانسان. وقال الحريري ان حكومته ستكون «حكومة انتخابات» وستنصرف مع المجلس النيابي الى «وضع قانون جديد للإنتخابات، يراعي النسبية وسلامة التمثيل، لتنظيم الانتخابات النيابية في موعدها منتصف العام المقبل». واحتفظ عدد من الوزراء الرئيسيين بحقائبهم، لا سيما وزير الخارجية جبران باسيل، صهر عون ورئيس تياره السياسي، والوزير نهاد المشنوق (كتلة الحريري) بوزارة الداخلية، والوزير علي حسن خليل، معاون بري، بحقيبة المالية. كما حافظ حزب الله على وزيريه وهما محمد فنيش وحسين الحاج حسن. وضمت الحكومة وجوها جديدة لم تشغل اي مناصب وزارية او نيابية سابقا، بينها وزير الإعلام ملحم الرياشي الذي كان مستشارا لرئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، والدكتورة عناية عز الدين وزيرة دولة لشؤون التنمية الإدارية، والخبير الاقتصادي غسان حاصباني وزيرا للصحة ونائبا لرئيس مجلس الوزراء. ويتعين على الحكومة تقديم بيانها الوزاري الى البرلمان لنيل ثقته في مهلة ثلاثين يوماً من تاريخ صدور مرسوم تشكيلها، وفق الدستور اللبناني. وهذه هي المرة الثانية التي يتولى فيها الحريري رئاسة الحكومة. وكانت المرة الاولى بين 2009 و2011 حين ترأس حكومة وحدة وطنية ضمت معظم الاطراف اللبنانيين، وأسقطها «حزب الله» وحلفاؤه وعلى رأسهم ميشال عون بسحب وزرائهم منها.