يدخل المخرج السوري نجدت أنزور مرحلة جديدة من تطرقه إلى التطرف والإرهاب عبر إعلانه تقديم مسلسل يحمل اسم «جنود الله» مأخوذ عن رواية للكاتب السوري فوّاز حدّاد. بداية أعمال أنزور التي حملت رسالة واضحة تجاه الإرهاب كانت عبر مسلسل «الحور العين» قبل سنوات، ثم عاد في العام الحالي ليقدم مسلسل «ما ملكت أيمانكم» الذي تطرق من خلاله إلى الإرهاب وأضاف إليه التطرف الديني ورجال الدين الفاسدين مع محافظته على الخط المعتدل في العمل عبر بعض الشخصيات الدينية الملتزمة البعيدة من التطرف. ولا شك في ان أنزور في جديده («جنود الله») سيكون أمام مغامرة خاصة، تحمل في طياتها رؤية جديدة للتطرف. فالرواية التي تدور حوادثها بين سورية والعراق في شكل رئيسي تتطرق إلى علاقة الأب صاحب التاريخ اليساري النضالي المعروف، مع ابنه الذي اتخذ خلال سفر أبيه خطاً مغايراً فانتمى إلى إحدى الجماعات الدينية المحظورة المرتبطة بالزرقاوي، ليصبح «أمير» إمارة العراق بعد انتقاله إلى هناك والالتحاق بخليته. الرواية التي تسلط الضوء على الأحداث الداخلية العراقية من مذابح واغتيالات جرت بين الأطراف الدينية المتناحرة تشكل المغامرة الأكبر لأنزور، فضلاً عن الحوار المتجدد الذي تطرحه بين الأديان والطوائف. وتحوي القصة شخصيات مفصلية ستكون المحرك الدرامي الأساسي للمسلسل، أهمها شخصية «أبو عبد الله السوري» التي قدمها الكاتب بطريقة مشوقة تتسم بالحياد وتحمل بعداً سياسياً ودينياً. فهل سيستطيع أنزور التعامل مع هذه الشخصية بالطريقة الأمثل؟ هذا أحد الأسئلة الكثيرة التي ستسبق تقديم العمل، إضافة إلى تطرق الرواية إلى شخصية الزرقاوي التي ستجسد للمرة الأولى على الشاشة العربية. وعلى رغم أنها قد لا تظهر سوى في مشهد واحد، كما في الرواية، لكن المشهد سيكون مفصلياً. وستبقى الخيارات الفنية في اختيار الممثلين الذين سيقدمون مثل هذه الشخصيات الخلافية مهمة جداً في ظل الظروف والاحتياجات التي تتطلبها هذه الشخصيات. وفي حال التزم المخرج بالقسوة التي تُقدم فيها الرواية والتي تعكس الواقع المرير الذي يعيشه العراقيون خلال الأعوام الماضية، فإنه سيكون أمام كثير من العوائق التي قد تعرقل مسيرة العمل على كل الأصعدة وليس فقط الفنية بل من طرف الجمهور وطريقة تقبله لما سيقدم. ذلك ان رواية «جنود الله» أشبه بمحاكاة للواقع تستمد حبكتها الأساسية من الشارع العراقي. فمثلاً نقرأ من الرواية: «فتاة عارية اقتلعوا عينيها وثبتوا حدقتيها في راحتي يديها بالبراغي وشوهوا جسدها بالحروق»... وأيضاً، «شاب لم يعثر على جسد أبيه، عثر على رأسه، ضمه إلى صدره وأخذ يبكي، خلع قميصه ولفه به، سيدفنه بلا جسد»... وسواهما من الصور القاسية. وهنا سيجد أنزور نفسه أمام ثلاثة خيارات، إما الاستغناء عن هذه الصور ما سيفرغ الرواية من محتواها ويحولها إلى عمل درامي كسائر الأعمال الأخرى، أو الاعتماد على الراوي في سرد هذه الأحداث وهو ما سيضعف العمل، أو أن يقدمها على الشاشة كمشاهد مستقلة بكيانها الفني، وهو أفضل الخيارات لكنه أصعبها على الإطلاق. رواية حدّاد تعتبر من أهم نتاجاته الأدبية، واختيار أنزور لتقديمها أمر يسجل له ويعتبر مغامرة اعتاد أن يدخلها في معظم أعماله... ولكن الأهم هو تقديم الرواية بطريقة مرضية ومجدية واعتمادها كمرجع أساسي للعمل وليس كما حدث مع رواية حدّاد السابقة «الضغينة والهوى» التي قدمت قبل عامين عبر مسلسل حمل اسم «الداومة» بعدما فرّغت من محتواها فلم تقدم بالطريقة المثلى. أياً يكن الامر، الأكيد أن أنزور سيتعرض لكثير من الضغوط للحلول من دون تقديمه لهذا العمل، لكنه يبدو مصراً على تقديمه بصرف النظر عن آراء الآخرين، إذ أكد أن رواية «جنود الله» أولوية لديه في الوقت الحالي على رغم أنه بصدد إخراج مسلسل «في ظل الغياب» عن حياة الشاعر الفلسطيني محمود درويش. وفي اتصال هاتفي مع «الحياة» أكّد الكاتب السوري فوّاز حدّاد موافقته المبدئية على العمل بانتظار توقيع العقود في الفترة المقبلة. وفي السياق ذاته أكد الروائي الشاب عبد الناصر العايد أنه سيكتب السيناريو، وكان قد قدّم لأنزور ملخصاً درامياً بانتظار التوقيع حتى يبدأ بكتابة الحلقات. ولا شك في ان اسناد مهمة كتابة السيناريو الى روائي آخر سيضفي لمسة درامية على الرواية، تحت إشراف فوّاز حدّاد لئلا يحيد المسلسل عن خط الرواية الأساسي.