سنوات طويلة تمر في أعمارنا وأعمار أوطاننا العربية، لا يوجد فرق كبير بينها، سوى أن الأحوال من سيء الى أسوأ. وفي خضم هذا الزخم من الأحداث، تطل علينا في كل عام قمة للزعماء العرب، ومن المفترض أن لقاءات القمة في أي منظمة أو حتى مؤسسة أو شركة متعددة الفروع، تعني رسم خريطة عمل مشتركة، والاتفاق على العديد من نقاط الاختلاف، وتقريب وجهات النظر. هذا كلام صحيح وينطبق على كل أو معظم القمم والاجتماعات. إلا أن القمة العربية استثناء من هذا كله، فهي ملتقى للخلاف والاختلاف، موعد سنوي لتفجير النزاعات بين الأشقاء وتفريقهم بدلاً من توحيدهم. هي بمثابة إسفين يتشارك الزعماء العرب الدق عليه كي تزداد الفرقة بينهم. والمتأمل في القمم السابقة، سيجد أن الخلافات تبدأ منذ أول يوم تبدأ فيه الدولة المستضيفة للقمة في توزيع دعوات المشاركة، وأحياناً قبل ذلك بكثير، خصوصاً عندما يكون الخلاف على مكان انعقاد القمة. ثم تظهر مشكلة من يقابل الوفود المشاركة عند وصولها في المطار، ودرجة المسؤولين المشاركين نيابة عن رؤسائهم وتمثيلاً لدولهم، وتتوالى الخلافات مع استمرار انعقاد القمة. فتزداد الأمور سوءاً أكثر مما هي عليه أساساً. من خلال نظرة سريعة على القمة الاستثنائية (في سرت) ستجد: خلافات بين مصر وقطر (خلافات في وجهات النظر أثناء حرب غزة)، وبين مصر والجزائر (مباراة كرة قدم)، وبين ليبيا ولبنان (اختفاء الإمام موسى الصدر واتهام النظام الليبي)، وبين الفلسطينيين أنفسهم (فتح وحماس)، توتر في العلاقات أخيراً بين ليبيا والعراق، وبين سورية ولبنان (مذكرات التوقيف في قضية شهود الزور)، هذا الى جانب فتور في العلاقات بين دول الخليج ودول المغرب العربي عموماً، وغيرها من الخلافات. لقد أثبتنا على مر عقود طويلة أننا اختلفنا على كل شيء، باستثناء شيء واحد اتفقنا عليه وهو: الاختلاف!