الاقتصاد العالمي في وضع حرج، على رغم تحسن أوضاعه. والنمو قوي في آسيا وأميركا الجنوبية وأفريقيا. ويتوقع ان يبلغ النمو في هذه المناطق نحو 5 في المئة، في العام الحالي، على خلاف النمو الاقتصادي الضعيف بأميركا وأوروبا. ولا يخشى صندوق النقد الدولي أن يتعثر الاقتصاد العالمي من جديد، ولكنه يرى أن ثمة 3 مخاطر جدية تتهدد النمو المعتدل، أولها هو انبعاث نمو ضحل لا يوفر فرص عمل جديدة، ولا يساهم، تالياً، في تراجع معدلات البطالة. وفي عدد من الدول، قد تحول أرباح الانتاجية الضخمة من دون توفير فرص عمل جديدة. وبحسب صندوق النقد الدولي ومنظمة العمل الدولية، ألغت الأزمة 30 مليون فرصة عمل، في وقت يتوقع أن يدخل 450 مليون شاب سوق العمل العالمي، في الاعوام العشرة المقبلة. والخطر الثاني الذي يتهدد النمو هو الدين العام. وليست خطط الانقاذ المالية الحكومية، وهذه رمت الى الحؤول دون انهيار حركة الطلب، وراء انبعاث نمو الاقتصاد، على ما يحسب بعضهم. وبين 2008 و2014، يتوقع أن ترتفع نسبة الدين العام الى الناتج المحلي من 80 في المئة الى 120 في المئة، في الاقتصادات المتقدمة. ويعود عُشر الارتفاع هذا الى الحوافز المالية الحكومية فحسب. وشطر راجح منه سببه تقلص الناتج المحلي جراء الانكماش، وانخفاض عائدات الضرائب، وكلفة هيكلة البنية المصرفية. وخفض العجز نقطة واحدة إزاء الناتج المحلي، ابتداء من 2011، هو السبيل الى ارساء توازن، في الأمد المتوسط. واتفاقات «بازل 3» هي خطوة على طريق اصلاح مصارف القطاع الخاص التي كانت وراء ازمة القطاع المالي. ولا فائدة تُرجى من معايير «بازل 3»، إذا لم تُلتزم. والنظام الرأسمالي يعاني أزمات متكررة. ولذا، يجب إرساء أنظمة تذلل الازمات، على غرار صندوق الاستقرار الاوروبي الذي أُنشئ، اثر الازمة اليونانية. وينوء خطر ثالث بثقله على النمو جراء حِسبان كل حكومة أن في وسعها تدبير شؤونها في معزل عن الآخرين، على وقع انحسار الازمة. وتغفل الحكومات ان انحسار الازمة مرده الى تنسيق الحكومات جهودها في قمة مجموعة العشرين وقمة تورونتو. وأخشى أن تغلب كفة الحلول المحلية الوطنية على كفة السياسات المالية الدولية المنسقة، مع انقضاء وقت الازمة. وهذا ما اختبرناه حين تدخلت اليابان لخفض سعر الين، ولاحظناه حين حذرت البرازيل من ارتفاع سعر عملتها. ولا أستهين بمخاطر احتمال اندلاع حرب سعر الصرف. والصندوق الدولي لن يكل جهداً للحؤول دونها. وتحسين الحوكمة الاقتصادية الدولية هو رهن مواصلة دول مجموعة العشرين تعاونها في مجال العملات وتقويم اسعارها. والصندوق الدولي سيوسع مروحة موضوعات أبحاثه لتشمل «احتمالات العدوى» في الاسواق الدولية. فلا يقتصر البحث على دراسة اثر السياسة المالية الاميركية في الاقتصاد الاميركي فحسب، على ما هو حال الدراسات الراهنة. ويطعن بعضهم في صحة تمثيل صندوق النقد الدولي قوى الاقتصاد العالمي، ويدعوا الى تكييف نظامه مع بروز الدول النامية ومنح الدول هذه حصة تمثيلية وتقريرية في صفوفه. وهذا ما حصل، في 2008، حين نقلت 2.7 في المئة من الاصوات لمصلحة الدول النامية. وقررت مجموعة العشرين نقل 5 في المئة من أصوات الدول المتطورة الى الدول النامية. وتطالب الدول النامية بزيادة تمثيلها في مجلس الادارة. ويبدو أننا نسلك سكة تفضي الى أن يكون صندوق النقد الدولي مرآة عالم اليوم الأمينة. * مدير صندوق النقد الدولي، عن «لو موند» الفرنسية، 8/10/2010، اعداد منال نحاس