لعبت «القيصرية» التي بلغت كلفة إعادة بنائها 16 مليون ريال، على مساحة 6500 متر مربع، دوراً كبيراً في الحفاظ على بقاء الاقتصاد والحركة التجارية منتعشة وحيوية في الأحساء. ففي العام 1913، فتح الملك عبد العزيز الأحساء، ومنذ ذلك العام، نشطت حركة التجارة فيها، بعد أن بدأ التجار يؤمنون على تجارتهم وطرقها، مع توفر ووجود الأمن الحقيقي. وبدأ العمل في إنشاء الجزء الجديد من السوق. ولكن المبنى الذي أزيل بسبب الحريق، يعود بناؤه إلى العشرينات من القرن الميلادي الماضي. إذ كان المبنى مفتوحاً على الميدان الذي يتوسط مدينة الهفوف، التي كانت تتشكل من ثلاثة أحياء رئيسة، هي: الكوت والنعاثل والرفعة. وبين عامي 1918 و1923 شهدت سوق القيصرية اعتناءً من الناحية العمرانية. ويعود تاريخ بناء القيصرية إلى زمن بعيد، ربما إلى البدايات الأولى لنشأة المدينة في القرن السابع أو الثامن الهجري. وعلى رغم عدم تحديد تاريخ معين لبناء هذه السوق، واكتفاء بعض المراجع بذكر أنها بنيت قبل مئة عام. إلا أنه من المؤكد أنها كانت موجودة قبل العام 1862، إذ ذكر الرحالة الأوروبي وليام بالقريف، الذي عبر الهفوف في ذلك العام أن «طراز معمار هذه السوق يتشابه مع ما يستخدم من بناء في الأمبراطوريتين الرومانية والبيزنطية». ووصف أحد الرحالة الشارع الرئيس في الهفوف الذي تطل عليه القيصرية، بأنه «أوسع شارع في الجزيرة العربية». وأطلق عليه مسمى «ريفيرا الأحساء». وذكر أمين الريحاني في أحد كتبه الصادر في العام 1924، الشارع الرئيس للهفوف، بأنه «شارع عريض ونظيف، مقارنة في شوارع المدن العربية. ويتمتع بحيوية وحركة تجارية نشطة». ويشاركه هذا الوصف مكاي، في مقالته «الأحساء الواحة العربية»، المنشورة عام 1924. وعلق رحالة مروا في الهفوف، على إنشاء سوق القيصرية، وركزوا على الحركة التجارية التي تتمتع بها. ففي الوقت الذي كان الناس فيه يعانون من الحرب وغياب الأمن، بسبب ظروف الحرب العالمية الأولى، كانت المنطقة تتمتع بانتعاش اقتصادي. وكان التجار يؤمنون على تجارتهم وطرق التجارة، وأهمها ميناء العقير. وبذلك نشطت حركة التبادل التجاري، وكانت لها أهمية من الناحية الاقتصادية في الأحساء. وكانت تشكل عامل جذب قويا، سواء لسكانها في المدن والقرى والهجر، أو من دول الخليج القريبة من الأحساء، إذ تمثل الأحساء المنفذ الوحيد إلى المملكة بالنسبة لسكان هذه الدول.