انفتح الفضاء على مصراعيه، واشتبك الحابل بالنابل، وأصبح الشارع الرياضي يعج بالغث والسمين، وأصبحت القنوات الفضائية تقتات على فتات موائد التهريج إلا من رحم ربي، إذ يقلب الوسط الرياضي القنوات الفضائية مساء كل يوم فيجد الجدل البيزنطي يسيطر على أهواء القائمين على هذه القنوات، ويشم من رائحة المحاور المقاصد والنوايا، لأن الوسط الرياضي أصبح يميز بين الغث والسمين ويعرف ما فوق وما تحت السطور، بل إن المتابعين لمدرج القراء في الصحافة، وفي مواقع الانترنت يجد أقلاماً مميزة تفوق في طرحها كثيراً ممن تسنمو دفة العمل الإعلامي في وسائل الإعلام المختلفة. تشعبت قنوات التواصل الإعلامي من قنوات فضائية تبث على مدار الساعة وصحافة ورقية وصحافة الكترونية، وتقنيات العصر المختلفة، صعبت على وزارات الإعلام متابعة هذا التدفق وأراحتها من إصدار بياناتها المعتادة التي تتخذ هذه الكليشة «مصدراً مسؤولاً» منهجاً في كل تعقيباتها التوضيحية، وزاد من مساحة الراحة والقلق في آن معاً درجة السفور والتناطح والتمازج بين شرائح الجدل «المترززة» يومياً على بوابة القنوات الفضائية. «صرح مصدر مسؤول» كانت سلاح المواجهة عقب كل شطحة أو نطحة من وسائل الإعلام المختلفة، ولكن الماء هذه الأيام زاد على الطحين فأصبح المصدر المسؤول لا يجد الوقت لبث تصاريح توازي هذه الكمية من العرض الإعلامي في فترينة الشارع الرياضي، وأصبح سلاح الوعي وثقافة المتلقي هي السلاح البديل «للمصدر المسؤول»، ووزراء الإعلام العرب لم يعد بإمكانهم عمل كنترول على ما تضخه وسائل الإعلام العربية، ولم يعد هناك دفة سيطرة، وأصبح الشارع الرياضي معلقاً بين ثقافة يجب أن يتحصن بها وبين قنوات إعلامية ترسخ الشحناء والبغضاء والتعصب على حساب شرف المهنة، ومع ضياع الطاسة على رقابة وزارات الإعلام العرب ومع انتشار ظاهرة الإعلام التجاري الذي يتفوق على الإعلام الحكومي بالمال، ومع انتهاء صلاحية كليشة «صرح مصدر مسؤول» التقليدية يتوقف لهاث الرقيب، ويستمر العرض من دون حسيب ولا رقيب، عدا رقابة الذات المتفاوتة من شخص لآخر. السباق الزمني بين القنوات الإعلامية للفوز بأكبر قطعة ممكنة من كعكة الشارع الرياضي السعودي على أشده، وسيصل هذا السباق لذروته في السنوات المقبلة، وفي الأخير لا يصح إلا الصحيح، ولن يصمد إلا الإعلام الذي يحترم عقلية وذوق وثقافة المشجع البسيط، وسيذهب البقية إلى «ممحاة» التاريخ غير مأسوف عليهم. [email protected]