نظّم مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني أخيراً لقاء وطنياً بعنوان: «التعايش المجتمعي وأثره في تعزيز اللحمة الوطنية»، بهدف ترسيخ ثقافة الحوار في المجتمع بين جميع مكوناته وأطيافه الفكرية، وطرح ومناقشة القضايا التي تعزز مفهوم المواطنة، كما يأتي الملتقى في إطار العمل المتواصل نحو كل ما من شأنه تعزيز الترابط الاجتماعي واللحمة الوطنية. وأكد الأمين العام لمركز الملك عبدالعزيز الوطني الدكتور فهد السلطان أن الدين الإسلامي جاء مرشداً البشرية لمعنى التعايش ومراعاة أدب الخلاف، والحرص على إظهار روح التسامح وعدم التنازع المؤدي إلى الفرقة والتطاحن والتباغض، إلا أن المجتمعات المسلمة غالباً ما تعاني من مشكلات وتحديات تهدد التعايش المجتمعي، بسبب عدم التزام بعض أفرادها بالمقاصد والقواعد الشرعية والإنسانية وتطبيقاتها التي تراعي تعاملات البشر بعضهم مع بعض. مبيناً أن التزام المملكة ومنذ توحيدها على يد الملك عبدالعزيز بتطبيق الشريعة الإسلامية، واتخاذ الكتاب والسنة منهجاً ودستور «حياة»، جعلها من أبرز المجتمعات المحافظة على التنوع الثقافي بأطيافه كافة، واستمرار هذه الحال مع أبناء المؤسس ملوك المملكة، الذي أسهم في الإثراء ثقافياً والتعايش اجتماعياً، ما مكّن السعودية لأن تصبح من أبرز الدول الداعمة لخدمة الإنسانية ونشر ثقافة التعايش الإيجابي بين المجتمعات. وأكد السلطان أن المركز يتبنى من خلال فعالياته دعم البرامج واللقاءات الوطنية، التي تسهم في التعايش بين أفراد الوطن، موضحاً أن أولى بذور التعايش تتمثل في نبذ الخلافات والصراعات وتقبل التعددية الفكرية من دون تمييز، والعمل على تفعيل الحوار البناء الرامي للوصول إلى وجهات نظر جديدة وأفكار تولد التباين والتنوع الفكري. وبيّن الأمين العام لمركز الملك عبدالعزيز الوطني أن الحديث عن التعايش يأتي في إطار السعي إلى التبصير بأهمية التعايش، وبيان قيمته ودوره في بناء المجتمع، والمحافظة على المكتسبات الوطنية، وكذلك على تنمية المسؤولية المجتمعية للأفراد والمؤسسات والمفكرين. وقال: «إن ما تعيشه المملكة الآن هو امتداد لمرحلة توحيد البلاد بقيادة الملك المؤسس، الذي ألّف بين أفراد الوطن ونقل حياتهم من مرحلة الشتات إلى مرحلة الاجتماع والتعايش، على رغم اختلاف العادات الثقافية والاجتماعية، ليصنع وطناً متماسكاً». بدوره، قال عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة الإسلامية بالمدينة المنورة الدكتور هاني فقيه: «إن المجتمعات القوية المتماسكة يمكّنها من استيعاب الأطياف كافة داخل نسيجها الاجتماعي، بشرط أن تكون هذه الاختلافات في إطار التعاون والتفاهم والنزاهة، التي تساوي بين جميع الشرائع في الحقوق والواجبات». وأشار إلى أنه من الخطأ محاولة إلزام الناس برأي ومذهب واحد في المسائل الخلافية الاجتهادية، ووجوب الإقرار بالاختلاف والتنوع باعتباره واقعاً، مع وجوب حسن التعامل معه برقي، وإدارته بحكمة. وأضاف: «إن خطوات فقه التعايش والتجديد تتطلب لزوم العدل والإنصاف عند الاختلاف، إضافة إلى التنبيه على الخطأ والمسارعة في التكفير والتبديع، والمبالغة والشطط في هذا، وأن الخطأ في العفو أهون من الخطأ في العقوبة، والحرص على إظهار محاسن الإسلام، والتأكيد على لزوم الجد والعمل، والاستفادة من كل نافع ومفيد، حتى ولو كان عند غير المسلمين».