ذكرت مصادر ديبلوماسية غربية ان الإدارة الأميركية تجري اتصالات حثيثة مع الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي بحثاً عن صيغة للتغلب على مشكلة الاستيطان التي تعترض طريق المفاوضات المباشرة بين الجانبين. وأفادت المصادر بأن الجانب الأميركي يستخدم سياسة الجزرة مع اسرائيل لتشجيعها على قبول تمديد آخر لتجميد البناء في المستوطنات الذي استمر عشرة شهور، وانتهى في السادس والعشرين من الشهر الماضي، مؤكدة ان واشنطن طلبت من اسرائيل تمديد التجميد لمدة شهرين قابلين للتجديد مع ضمانات سياسية وأمنية كبيرة. وفي الجانب الفلسطيني قال مسؤولون ان الرئيس محمود عباس ينتظر اتفاقاً اميركياً اسرائيلياً قبل ان يقرر العودة الى المفاوضات، وأشارت الى أن عباس يدرس خياراته بدقة في هذه المرحلة، وأنه لن يعود الى المفاوضات ما لم يجر تمديد تجميد الاستيطان لفترة أخرى. ولفتت الى ان تمديد التجميد هو الحد الأدنى المقبول فلسطينياً، وأن اي عروض أخرى دون ذلك لن تلقى الترحيب. وقال مسؤولون فلسطينيون ان فرص التوصل الى اتفاق مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو ضئيلة. وأكد مسؤول رفيع ان الأفكار التي قدمها نتانياهو في اللقاءات الثلاث التي عقدها مع الرئيس عباس في واشنطن وشرم الشيخ وفي بيته في القدسالغربية لم تكن مشجعة. ولفت الى ان الانطباع لدى الجانب الفلسطيني هو ان نتانياهو يسعى الى مفاوضات بطيئة وطويلة، وإلى حلول جزئية ومرحلية لمختلف الملفات. واتسمت المفاوضات الأولية مع نتانياهو بالأزمات على غرار المفاوضات التي أجريت في عهده في الأعوام 1996 و1997 و1998، حين عمد في تلك المفاوضات الى تكتيك يقوم على خلق أزمة مماثلة لمشكلة تجميد الاستيطان حول كل قضية بهدف اطالة امد المفاوضات الى اطول فترة ممكنة من دون أي التزام بوقف الاستيطان. ويطالب مسؤولون فلسطينيون الرئيس عباس بالانسحاب كلياً من المفاوضات واللجوء الى المنظمة الدولية للمطالبة بوقف الاستيطان وحل الدولتين. لكن مراقبين يستبعدون ان ينسحب الجانب الفلسطيني كلياً من المفاوضات. وقال الدكتور خليل الشقاقي، رئيس «مركز البحوث السياسية والمسحية» في رام الله ان انسحاب الرئيس من المفاوضات بصورة كلية يضعه تحت رحمة قيادات في «فتح» وحركة «حماس»، وحذر من ان «انتهاء المفاوضات بصورة كلية ربما تدفع الرئيس للاستقالة». ويرى الشقاقي ان الخيار الثاني امام عباس هو العودة الى المفاوضات حتى من دون وقف الاستيطان والشروع في انجاز ملف المصالحة في الوقت نفسه. وأضاف: «ان عودة الرئيس الفلسطيني الى المفاوضات ستتيح له انجاز المصالحة على رغم الاعتراضات الإسرائيلية والأميركية، لكن انسحابه من المفاوضات واتجاهه بعد ذلك الى المصالحة ستجعل نتانياهو يهاجمه ويقدمه على انه داعم لحماس وليس لعملية السلام، الأمر الذي لا يمكنه القيام به اثناء استمرار المفاوضات». وربما يتجه عباس الى استخدام تكتيك يقوم على عدم التفاوض وعدم الانسحاب من المفاوضات. ويرجح الموقف الأميركي هذا الخيار في حال عدم التوصل الى اتفاق على الاستيطان، ذلك ان الإدارة الأميركية لا تحتمل مغادرة المشهد وترك الملف الفلسطيني الإسرائيلي لجهات أخرى. وتزايدت في الأيام الأخيرة فرص التوصل الى اتفاق اميركي اسرائيلي حول تمديد تجميد الاستيطان لفترة اقل كثيراً من السابق (60 يوماً) مقابل ضمانات سياسية وأمنية كبيرة.