لم تبق التجارة العالمية بمنأى من الأزمة. وقد لا يكون تقلص صادرات الصين 25 في المئة الشهر الفائت إلا بداية. فالاحصاءات المؤذية لن يتأخر إعلانها في ضوء انهيار الطلب في أنحاء العالم. ويتوقع أن تتقهقر المبادلات الدولية في 2009، ربما أقل من 5 في المئة التي أعلنها صندوق النقد الدولي، وذلك بعد نمو بلغ 8.5 في المئة في 2007 و 4.5 في المئة في 2008. والأزمات تبعث على طلب الحماية. وأكثر جواب ضرراً هو الحمائية. وأنا أسعى في تذكر هذا، والحؤول دون نسيانه. فأحتفظ بصورة فوتوغرافية للنائبين الأميركيين هاولي وسموت. وهذان اقترحا، في 1930، قانوناً قضى بزيادة التعرفات الجمركية الأميركية 60 في المئة، وعجل وقوع العالم في الكساد الكبير. وهذا مثال ما ينبغي تجنبه! واللجوء الى حمائية حادة من هذا الصنف، أو «عالمية الكثافة» على ما أسميها، صار مستحيلاً اليوم. وتضطلع منظمة التجارة العالمية بدور راجح في قطع الطريق على الحمائية العالية الكثافة. وتقتصر النزعات الحمائية على ميول ملجومة لا تبلغ حد الانفجار. ففي الولاياتالمتحدة، قيد أوباما مفعول الدعوة الى «شراء (السلع) الأميركية». وفي البرازيل، رجع لولا عن خطته القاضية باستصدار اجازات استيراد. وهذا حسن. فاجراءات من هذا القبيل كانت استدرجت اجراءات رادعة من الجهات كلها. ونحن نسعى جهدنا، في منظمة التجارة العالمية، في سبيل تيسير التسليف على عمليات الاستيراد والتصدير. وهي محتاجة حاجة ملحة الى مثل التسليف هذا في الأشهر القريبة الأخيرة. ولا شك في ضرورة بث الزيت في العجلات، وعلى وجه الخصوص في البلدان الفقيرة. وأنا أعد مقترحاً عريضاً قبل قمة مجموعة العشرين في لندن. وسبق أن قلت أن المضي على النهج السابق مستحيل. وأنا على يقين من أن الرأسمالية المالية والمصرفية لن تخرج من الأزمة وكأن شيئاً لم يكن. وعلى مثال نمونا الساري الانعطاف، والتخلي عن رعونة الأعوام الثلاثين الماضية، والأسباب بيئية واجتماعية وأخلاقية معاً. ولست غافلاً عن الأصداء السيئة المترتبة على دور منظمة التجارة العالمية من العولمة. فالمستهلكون الغربيون غير مدركين المنافع العائدة عليهم من الانفتاح التجاري. وعلى خلافهم، لا تفوت العمال الأحوال والتي تعود عليهم العولمة فيها بضرر، مثل غلق مصنع. والعولمة اضطلعت، في البلدان الآسيوية القاسية، باخراج 40 مليون شخص من الفقر والعوز. ويتيح اتفاق الدوحة ل 15 مليون مزارع قطن افريقي، يشكون اليوم منافسة الزراعات الأميركية والأوروبية الظالمة، العيش من محاصيلهم. ويعني منظمة التجارة العالمية، حمل خطر الحمائية بلداناً كثيرة على التماس عون المنظمة وصداقتها. * مدير منظمة التجارة العالمية (منذ 2005)، عن «شالانجر» الفرنسية، 19/3/2009، إعداد وضاح شرارة