هل يرقصُ المغاربة؟ هل يهتمون بالجسد؟ هل يولونه الأهمية المطلوبة في أعمالهم الفنية والمسرحية؟ أم يكتفون خلال إعداد المسرحيات بالثرثرة التي تجرّدُ المسرح من روحه الأساسية؟ هذا ما ستحاول أن تجيب عنه الدورة الرابعة من مهرجان فاس الدولي للرقص التعبيري، التي تنطلق في 19 تشرين الأول (أكتوبر) المقبل بمبادرة من جمعية «بابل للثقافة والفن»، وبرعاية جهات محلية ودولية. وتفتتح الدورة في دارة «المركب الثقافي للحرية» في فاس، بمعرض صور للوحات كوريغرافية يليه عرض «أوبرا بيضاء» تقدمه فرقة «ثيمادانس» الفرنسية. وتشارك في المناسبة عروض مختلفة مثل «نصيبي من الأخرى» لفرقة «ليسانس سييل» البلجيكة، و«شباب ضائع» لفرقة «DY» في ساحل العاج، و «من مراكش إلى طهران» لفرقة «رقص الروح» البلجيكية. وفي صبيحة 21 من الشهر نفسه يجتمع فنانون وخبراء حول طاولة مستديرة في المكتبة الوسائطية للبحث في موضوع «الجسد علامة»، يلي ذلك تقديم عرض فني أعدّته فرقة «فولوبوليس» في الكونغو برازافيل بعنوان «ذاكرة». ويختتم المهرجان بعرض «سراب» تقدمه فرقة «فلور دورانج» من المغرب وجنوب إفريقيا. وقال الكاتب والمترجم عزيز الحاكم مدير المهرجان ل «الحياة»، إن فكرة تنظيم تظاهرة للرقص التعبيري نبعَتْ من اعتبارات عدة، بعضها ذاتي وبعضها موضوعي. وينبع الذاتي «من تعلقي واهتمامي بكل ما يرتبط بثقافة الجسد والحركة بعدما تلقيتُ مبادئ التعبير الجسدي في المحترف التابع للمركز الفرنسي في منتصف السبعينات على يد فرنسيين متخصصين. وتدلّ أعمالي المكرّسة للتعبير بالجسد واعتماد الحركة والرقص، على ذلك، ومنها «حجر الشمس»، و «الموجة السوداء». أما الجانب الموضوعي فيتمثّل، بحسب الحاكم، «في غياب الاهتمام المكثف بثقافة الجسد في المغرب، وفي طغيان الثرثرة على جلّ الأعمال المسرحية التي تقدم هنا، مع أن الرقص حاضر في المجتمع المغربي في شكل شبه يومي، ناهيك بحضوره في المناسبات والأفراح، وارتباطه بطقوس عدة». مضيفاً: «غير أن الرقص يظلّ ممارسة شبه مهرّبة لأسباب غامضة. لعل أبرزها التباس التّسمية، اذ يتم الحديث في معظم الأحيان عن «الشّْطِيح» وينعت ممارسوه وممارساته قدحاً ب «الشّطاحة»، فينتج من ذلك إغفال البعد التعبيري والمشهدي في هذه الممارسة الجميلة والراقية التي تجمع بين الإمتاع والإفادة». ويفيد بأن كل هذه العوامل «شجعتْنا في جمعية بابل للثقافة والفن على تأسيس هذا المهرجان». وعلى رغم أن ذلك لا يخلو من مجازفات، راهنت الجمعية «على دعم بعض الجهات الشريكة التي تولي عناية خاصة لثقافة المستقبل، مثل «الجماعة الحضرية لفاس»، و«مقاطعة أگدال»، ووزارة الثقافة، والصندوق العربي للثقافة والفنون، والفرع الجهوي لاتحاد كتاب المغرب في فاس، ومؤسسة نادي الكتاب في المغرب، والمقهى الأدبي - الكوميدي».