لم يكن المرحاض الغربي (الكرسي) موجوداً منذ الأزل، إذ بدأ الإنسان حياته في قضاء حاجته في الطبيعة متخذاً وضع القرفصاء، ثم اخترع المراحيض الأرضية، المعروفة بمراحيض القرفصاء العربية، مستخدماً الأخشاب والحجارة. وجاء بعدها المرحاض الغربي الذي تم اختراعه في العام 1951، إلا أن المهندس ألكسندر كيرا ناقش في كتابه "ذا باثروم" (الحمام) في العام 1966 أن التركيبة الفيزيائية لجسد الإنسان تتواءم أكثر مع وضعية القرفصاء التي نتخذها لدى استخدام المراحيض العربية. فما العلاقة بين وضعية جلوسنا على المرحاض ومدى سلاسة عملية الإخراج؟ وأشارات دراسات عدة إلى أن طريقة الجلوس على المرحاض تؤثر كثيراً في مدى سلاسة عملية إفراغ الأمعاء، وذكرت الباحثة والكاتبة الألمانية غيوليا إندريس في كتاب "الأمعاء والسحر" أن الدول التي يستخدم فيها المرحاض الغربي (الكرسي) ترتفع فيها نسبة الإصابة بالبواسير ومشاكل الإخراج لأن وضعية الجلوس العادية لا تهيّء الجهاز الهضمي للبدء في عملية الإخراج بسلاسة، بينما يساعد الجلوس بوضع القرفصاء التي تستخدم في المراحيض العربية على تسريع العملية وسيرها على نحو طبيعي. ونقل موقع "دايلي مايل" عن اختصاصية الجهاز الهضمي من جامعة "ويست سيدني" فنسينت هو قولها إن عملية الإخراج تحتاج إلى امتلاء المستقيم بالفضلات وتقلصه وارتخاء العضلات الملساء للقناة الشرجية. وأشارت إلى أن هناك عضلة تسمى العضلة العانية للمستقيم، أشبه بحبل يلتف حوله، وتعمل على سحبه إلى الأمام ليشكل زاوية ضيقة تمنع خروج الفضلات، تسمى الزاوية الشرجية، في الوضعية العادية، وعند الحاجة إلى إفراغ الأمعاء ترتخي هذه العضلة لتجعل الزاوية الشرجية تتسع وتسمح بخروج بالفضلات، وأشارت الطبيبة إلى أن وضعية القرفصاء هي الوضعية الوحيدة التي تساعد العضلة العانية على الارتخاء، مشيرة إلى أن وضعية الجلوس العادية تجعل المستقيم على شكل خرطوم ملتو وتتطلب الكثير من الجهد لإنهاء علمية الإخراج الأمر الذي قد يؤدي إلى الإصابة بالبواسير والانسدادات المعوية. وبيّت مجلة "الأمراض الهضمية والعلوم" أن الباحث والطبيب دوف سيكروف أجرى تجربة طلب فيها من 28 متطوعاً تسجيل ملاحظاتهم على طول المدة والمجهود الذي احتاجوه لقضاء حاجتهم باستخدام مراحيض غربية وأخرى أرضية، وبينت النتائج أن قضاء الحاجة بوضع القرفصاء استغرق 51 ثانية، بينما استغرق ما بين ال 114 و130 ثانية باستخدام المراحيض الغربية. وذكر موقع "ميديكل إكسبريس" الطبي أن باحثين من اليابان أجروا تجربة تم فيها ملء أمعاء ستة أشخاص بسائل خاص، وطلب منهم إفراغه مع تصويرهم باستخدام الأشعة لرصد السائل أثناء إخراجه بوضعية الجلوس والقرفصاء، وبين التصوير أن الزاوية الشرجية تتسع أكثر وأن عضلات البطن تتعرض لإجهاد أقل في وضع القرفصاء، إضافة إلى أن استخدام مرحاض القرفصاء يقلل من خطر البكتيريا التي قد تنتقل عبر كراسي الحمامات عند ملامستها للجلد. وأشار موقع "لايف ساينس" العلمي إلى أن دراسة باكستانية أجريت على مرضى يعانون من الشقوق في فتحة الشرج وصعوبة في عملية الإخراج وخروج الدم مع الفضلات، أن استخدام وضع القرفصاء قلل من الأعراض التي واجهها هؤلاء المرضى. إلا أن استخدام المرحاض العربي لا يخلو من الأضرار تماماً، إذ نشر موقع المكتبة الطبية الوطنية الأميركية دراسة هندية بينت أن استخدام المرحاض العربي وأخذ وضعية القرفصاء عند الإخراج يؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم، بالإضافة إلى تكون الجلطات لدى بعض من يستخدمون هذه المراحيض.