على ذمة وكالة «بلومبرغ» الاقتصادية، امتلك الناقل التلفزيوني على الإنترنت «بي بي تي في» حقوق مشاهدة مباريات الدوري الإنكليزي الممتاز لكرة القدم «بريميير ليغ» لمدة ثلاثة أعوام في مقابل 650 مليون دولار، وذلك بدءاً من موسم 2019 - 2020. ويفوق المبلغ 12 مرة قيمة عقد النقل الحالي لمباريات الدوري الممتاز في الصين، ما يجعل من هذه الصفقة الأكبر على صعيد حقوق نقل مباريات الدوريات الأجنبية. وتملك «بي بي تي في» عملاقة الإلكترونيات «سونينغ» التي اشترت في حزيران (يونيو) الماضي نحو 70 في المئة من أسهم نادي إنتر ميلان في مقابل 297 مليون دولار. ولعلّ ما تقدّم لا يُعد جديداً في إطار الرياضة العالمية، خصوصاً كرة القدم وأسواق دورياتها الأوروبية، وفي مقّدمها ال «بريميير ليغ»، الذي يسجّل أرقاما قياسية على صعيد عقود النقل التلفزيوني، وقد أعيد تسليط الضوء عليها مع إقفال سوق الانتقالات الصيفية في 31 آب (أغسطس) الماضي، والتي بلغت 1.54 بليون دولار. وهو رقم يُعد منطقياً قياساً بما ينفق للحصول على حقوق النقل التلفزيوني ومرادفاتها. ورصدت استثمارات تفوق قيمتها 6.6 بليون دولار لبث المباريات حتى عام 2019، أي بزيادة 71 في المئة، في مقابل 253 مليون دولار خصصت كحقوق في الحقبة الأولى لاعتماد ال «بريميير ليغ» (1992– 1997). وعموماً، ستدخل نحو 11 بليون دولار إضافية من بدل حقوق البث الخارجي صناديق الأندية، ما يشكّل حالة مطمئنة على رغم الحذر والترقّب والتحوّط للمستقبل بعد ال «بريكزيت» البريطانية. ولأن الحديث عن الأرقام لا ينتهي، لا بدّ من الإشارة إلى أن «سكاي سبورت» اشترت حقوقاً للموسم الحالي ب 1.79 بليون دولار (126 مبارة) و «بي تي» (بريتش تليكوم) ب407 مليوناً (42 مباراة)، ما يوفّر للشبكتين مدخولاً أكيداً من 12.5 مليون مشترك بخدمات التلفزة عبر الكابل والإنترنت لمشاهدة مباريات كرة القدم وتحديداً ال «بريمييرليغ». وسيحصد متذيّل الترتيب في اختتام موسم 2016– 2017 مبلغ 170 مليون دولار، أي أكثر من مجموع ما تجنيه أندية أوروبية عدة مجتمعة. يذكر أن 5 في المئة من أندية ال «بريميير ليغ» بعهدة إنكليزية، والسبب أن «بنية» هذا الدوري وسوقه الرحبة جنة للمستثمرين، علماً أن غالبية المساهمين في الدوريات الأوروبية الأربعة الكبرى أجانب أيضاً، وتشذّ ألمانيا عن القاعدة، باعتبار أن أنظمة الاستثمار لا تمنح أكثرية الأسهم للأجانب. وكثّف مستثمرون صينيون نشاطهم في هذه السوق، ومنها الإنكليزية حيث تملك «تشاينا ميديا كابيتل» 13 في المئة من أسهم مانشستر سيتي في مقابل 412 مليون دولار، فيما بيع أستون فيلا إلى شركة «ريكون» في مقابل 82.5 مليون دولار. وبيع وست بروميتش في أيلول (سبتمبر) الماضي بنحو255 مليون دولار إلى شركة تابعة لرجل الأعمال غووشان لاي. وعموماً تنفّذ الصين مشروعاً كروياً طموحاً تأمل في أن يقودها إلى الفوز بلقب كأس العالم. ولا شك في أن السخاء الصيني في التعاقد مع نجوم لتعزيز الدوري المحلي، أشار مرات إلى ذلك. كما لفت محللون إلى أن إقبال رجال أعمال وأثرياء على الاستثمار في كرة القدم في الداخل والخارج جزء من إطار هذا المشروع المتنامي. وأوردت تقارير صحافية أن التطورات الحاصلة التي جعلت من السوق الصينية ال «إلدورادو الجديدة لكرة القدم»، مردها إلى تنفيذ «إرادة» الرئيس شي جين بينغ الراغب في أن تصبح بلاده قوة عظمى كروياً. وأرسى خطواتها الأولى عام 2012 حين كان نائباً للرئيس، وها هو يتابع المسيرة منذ أن تولّى مقاليد الحكم في آذار (مارس) 2013، تزامناً مع تنفيذ برامج التطوير على أصعدة عدة. وخلال العام الماضي، طرح «برنامج وطني» من أهدافه إيجاد 50 ألف مدرسة للعبة في غضون 10 سنوات، يترافق مع جعل المنتخب الذي تأهّل أخيراً إلى الدور القاري الحاسم لنهائيات كأس العالم 2018، يتمكّن من العبور للنهائيات للمرة الأولى منذ 2002، فضلاً عن التحضير للترشّح لتنظيم نسخة من المونديال وحصد اللقب في حدود عام 2034. ولعلّ تعزيز وضع الأندية وضخ موازنات لجذب نجوم على غرار ما فعلت اليابان قبل أكثر من عقدين، وجعل البطولة تنافسية مثيرة تستقطب الاهتمام بعدما تلطّخت بفضائح الفساد والنتائج المركّبة، خطوة حيوية في المسيرة الطويلة. واشتعل ال «ميركاتو» الشتوي الأخير من خلال صفقات للاعبين شملت أندية الدرجتين الأولى والثانية، التي أنفقت 423 مليون دولار في مقابل 272 مليوناً أنفقتها أندية ال «برميير ليغ».