مساء 22 من نيسان (أبريل) الماضي، انفجرت قنبلة يدوية في منزل أحد أحياء العاصمة صنعاء أودت بحياة طفلين، كانا يعبثان بها. بالطبع لم يشتر الطفلان القنبلة، اذ كانت موجودة في المنزل أصلاً، ذلك أن معظم اليمنيين يحتفظون في منازلهم بالقنابل اليدوية ومختلف الأسلحة الخفيفة. خبر مقتل الطفلين يوسف 11 عاماً وعمر 9 أعوام أخذ مساحة كبيرة في وسائل الإعلام اليمنية، ليس لجهة الحادثة الأليمة وحسب، أو لأنها الوحيدة فالحوادث كثيرة، بل لأن الطفلين هما نجلا عبدالسلام الحيلة المعتقل اليمني في غوانتامو منذ العام 2004. انفجار القنابل يشكل أحد الحوادث المنزلية الأندر وقوعاً في اليمن، بيد أن انفجار أنابيب الغاز المنزلي والحروق الناتجة عن استخدام النساء للفرن الطيني في إعداد الخبز، أو احتراق الأطفال بالماء المغلي أو القهوة الساخنة أو الجمر، وغيرها، هي الأكثر حدوثاً. وعلى رغم أن هذه الحوادث تخلف أضراراً جسيمة، فانها تتكرر وربما تتعرض لها العائلة ذاتها أكثر من مرة، وبالتأكيد يعود ذلك إلى قلة الوعي لدى الناس وعدم اتخاذهم الاحتياطات اللازمة لتلافي وقوعها أو التقليل من آثارها، إذ من النادر أن يحتوي منزل يمني على صيدلية منزلية تضم مواد الإسعافات الأولية. تقول أم محمد، ربة منزل، أنها كادت تفقد أطفالها مرتين، في المرة الأولى بسبب ماس كهربائي احترق على أثره التلفاز وفرش غرفة الجلوس، والثانية حين نام الجميع وتركوا الشمعة على التلفاز لتلتهمه وتصحو هي على أصوات أطفالها المختنقين وهم يسعلون أثناء النوم. أم محمد لم تفعل شيء سوى الصلاة وحمد الله وشكره على حفظه أبنائها، في حين تكفل الأب بشراء فراش جديد لأبنائه وتلفزيون ثالث، ليتمكنوا من متابعة برامجهم. إلاّ أنهما لا يزالان يشعلان الشمع عند انطفاء الكهرباء حتى وهم في العاصمة منذ انتقالهما إليها قبل ثلاث سنوات. والحوادث المنزلية في البيت اليمني عديدة، وأضرارها تحكيها بمرارة أقسام الحروق في المستشفيات، واهتمام مؤسسات الدولة بها محدود. جهازا التلفزيون والإذاعة الحكوميان وبعد ارتفاع معدلات ضحايا انفجار أنابيب الغاز في المنازل، صارا يقدمان فلاشات توعية تحض على التأكد من صلاحية أنبوب الغاز قبل شرائه ومن أنه يحمل شعار الشركة اليمنية لانتاج الغاز، واجتهدا كثيراً في التوعية بحفظ الأدوية بعيداً عن متناول الأطفال. أما منظمات المجتمع المدني الحكومية والأهلية وبخاصة الناشطة في مجالات تتعلق بالأسرة، فأكثر تأخراً من الدولة في ميدان الوقاية من الحوادث المنزلية. وتقول رئيسة مؤسسة «شوذب للطفولة والتنمية»، لمياء الإرياني: «ركزنا في مسيرتنا على قضايا مثل العنف ضد الأطفال وحمل السلاح وعمالة الأطفال وأطفال الشوارع، لكننا وعند تقديم المجلس الأعلى للأمومة والطفولة لتقرير حقوق الإنسان في اليمن العام 2005، وتطرقه إلى موضوع مخاطر البيئة، تنبهنا لذلك». وتضيف: «كان مغفلاً في أجندات المنظمات الناشطة في مجال الطفولة موضوع مخاطر البيئة وبالذات أن الأطفال هم الأكثر عرضة لها في البيت أو الشارع، لذا بدأنا الاهتمام به». وتؤكد الإرياني أن مؤسستها نفذت عدداً من الندوات والمحاضرات للتوعية بمخاطر البيئة ركزت فيها على توعية الأمهات بالمخاطر المنزلية، إلى جانب توعية الأطفال بما يتناسب وسنّهم عبر حملات ركزت على المدارس والأحياء الفقيرة. تلك الحملات أتت ثمارها، لجهة انخفاض معدلات ضحايا هذه المخاطر وتوجه الأسر إلى اتخاذ وسائل الوقاية، لذا تنوي المؤسسة تنفيذ برنامج أوسع خلال تموز (يوليو) المقبل، يركز البرنامج على الحماية البيئية للطفل. وتقول الإرياني: «مشروعنا طور الدراسة ويأتي بالتنسيق مع وزارة المياة والبيئة، ونركز فيه على جانب توعية الأطفال وأهلهم بالمخاطر التي يتعرض لها الطفل، وذلك عبر طباعة بروشورات وحملة إعلانية في الشوارع نستهدف بها الأحياء الفقيرة على وجه التحديد لكون الحوادث أكثر انتشاراً هناك»، وتضيف: «ننوي إصدار فيلم كرتوني يتطرق إلى قضية السلامة المنزلية ضمن قضايا أخرى هي العنف والزواج المبكر وأطفال الشوارع».