ليس هناك مسؤول كبير أو أي قائد إداري ليس لمكتبه «مدير عام». وقد كان الأستاذ فهيد الشريف من طلاب غازي رحمه الله حينما كان غازي عميداً لكلية التجارة في جامعة الملك سعود. وحينما تم تكليف غازي بوزارة الصناعة والكهرباء في تشرين الاول (أكتوبر) عام 1975، اختار الأستاذ فهيد مديراً عاماً لمكتب وزير الصناعة والكهرباء. وبعد سنوات صار الأستاذ فهيد وكيلاً لرئيس المؤسسة العامة للكهرباء، وهي وكالة مماثلة في المرتبة الوظيفية لوكلاء الوزارات. فأقام أصدقاء فهيد في وزارة الصناعة والكهرباء حفلاً تكريمياً للمدير الذي صار «وكيلاً». فقال غازي رحمه الله اخوانية لا يوجد، والأرجح لن يوجد، ما يماثلها في حقيقة فهم قدرة حراس أبواب الوزراء وغير الوزراء، على التأثير غير المباشر، في أحيان كثيرة، في إنهاء العمل، ان لم يكن التأثير الواضح في ما يتخذ من قرارات. صحيح ان غازي رحمه الله قالها مازحاً، ولكنها مع ذلك تبقى من أجمل وأدق ما قيل أو يمكن ان يقال عن مديري المكاتب، ربما حتى بما في ذلك مديرو المكاتب في أوروبا وأميركا. ومع انه سبق نشرها، وأذكر أنني كتبت عنها مقالاً مفصلاً في مجلة «اليمامة» السعودية قبل سنوات كثيرة، فقد استحسنت إعادة الكتابة عن هذه «الاخوانية» في صحيفة عربية تحظى باهتمام سعودي وخليجي، إضافة إلى اهتمام عربي عام. وقف رحمه الله وقال: قم للمدير ووفه التبجيلا كاد المدير بأن يكون الغولا أرأيت أفظع أو أشد من الذي «لطع» المراجع حين جاء طويلا عجباً له لا تنتهي كذباته كم يحسن التبرير والتأويلا قال الوزير بلجنة (فتسهلوا) يا ربعنا لا تشغلوا المشغولا من لجنة «لزيارة» «لصخونة» أعذاره تدع السليم عليلا وإذا أتاه من المعارف زائر أبدى له الترحيب والتأهيلا في لمحتين إلى الوزير يزفه ويدق من فرح اللقاء طبولا وإذا أتاه موظف من ربعه فلقد تسهل أمره تسهيلا و «الآخرون» إذا أتت طلباتهم نامت على الرف المكدس جيلا وإذا أتته معاملات صفها في خانتين بدرجه مشغولا فإذا رأى صفو الوزير معكرا عرض التي يرجو لها التعطيلا وإذا رأى أن المزاج مهيأ عرض التي يبغي لها التعجيلا ويصبح قد أمر الوزير فبادروا من لم ينفذ يصبح المفصولا ويقول قد قال الوزير لكم كذا والله ربي عالم ما قيلا قم للمدير ووفّه التبجيلا فلقد غدا هذا المدير وكيلا! هذا شعر موزون ومقفى، حتى وإن احتوى ألفاظاً عامية، فإنه يبقى تحليلاً دقيقاً مفصلاً انطلق من دقة ملاحظة قائد إداري فذ. ويصعب، إن لم يتعذر تماماً، مناقشة وتحليل كل ما جاء في هذه «الاخوانية» نثراً بنفس الأناقة والإيجاز اللذين صاغهما فكر شاعر مبدع. رحم الله تلك «الحزمة» الكبيرة من المواهب. رحم الله غازي. والله من وراء القصد. * أكاديمي سعودي.