العالم كله مصاب بمرض الاكتئاب جراء الأزمة العاصفة التى أضرت بالقطاع المالي والاقتصادي وجعلت دولاً على شفا الإفلاس، مشرّدة آلاف العمال لينضموا الى طوابير العاطلين من العمل والباحثين عن بصيص أمل لوظيفة هنا أو هناك. الغريب أنه في ظل هذا الجو المفعم بالحزن والقلق، تجد المسؤولين في الدول العربية في قمة التفاؤل بأوضاع الشعوب العربية، بل ويتباهون بأن الضرر غير الكبير كما يدّعون الذي أصاب اقتصادات الدول العربية لن يترك آثاراً أو مخلفات ستعاني منها الأجيال العربية على المدى البعيد! ربما لم تهتز الأنظمة الاقتصادية العربية كثيراً جراء تلك الأزمة، وربما كانت هناك حالة من شبه الاستقرار للاقتصاد العربي في مواجهة الأزمة، لكن هذا لا يدعو الى التفاخر، إذ إن معظم الدول العربية تعاني من ديون طائلة ونسبة عجز كبيرة، كما أن المواطن العربي لا يشعر بأي تحسن أو تنمية في وضعه الاقتصادي بقدر ما يشعر بارتفاع لهيب الأسعار وتدني مستوى معيشته البائس من الأساس. أليست تصريحات بعض المسؤولين العرب ضرباً من ضروب الجنون الموسوم بالاستخفاف بعقول الشعوب العربية؟ في الواقع، لا أعرف متى يمكن المواطن في بعض الدول العربية أن يشعر بتحسن في دخله ومستوى معيشته وما يلقاه من خدمات صحية وتعليمية، ما دامت السلطة كامنة في يد حفنة من البشر الذين ماتت ضمائرهم وأصبح كل همهم جمع الأموال وزيادة أرصدتهم في البنوك الأجنبية! أقول وأنا أكثر إيماناً: لن يعود شيء إلى نصابه ما دامت الحكومات على ما هي عليه الآن تفكر بهذا المنطق لتسويق بضائعها حتى تجني مزيداً من الأموال على حساب البسطاء من أبناء الشعب، وسيبقى الأمر على حاله حتى تأتي معجزة لتفكك شفرة التأخر الذي نعيش فيه، وإن كان زمن المعجزات قد ولّى!