نظم مركز محمود مختار الثقافي في القاهرة برعاية قطاع الفنون التشكيلية المصري، معرضاً لنتاج ورشة المهرجان الثالث لفن الغرافيتي، ضم إبداعات الفنانين خلال الورشة التي أقيمت الشهر الماضي في مكان عرض الأعمال ذاته. وشارك في المهرجان 60 فناناً وفنانة، رسموا على جدار بطول 52 متراً في الحديقة الملحقة بمركز مختار الثقافي. وتم التشكيل على الجدار بألوان العلم المصري «الأحمر والأبيض والأسود». كما خُصّص مشروع موازٍ على هامش المهرجان داخل قاعة نهضة مصر المقابلة للحديقة تحت عنوان «الغرافيتي بواسطة الأقلام»، باستخدام الأقلام السود فقط لتغطية جدران قاعة نهضة مصر بإبداع مباشر حر. والغرافيتي هو أحد الفنون التي انتشرت في الغرب خلال النصف الثاني من القرن الماضي كأحد وسائل الاحتجاج والتعبير. ويرى البعض أن لذلك الفن جذوراً قديمة تمتد إلى الحضارة الإغريقية والرومانية. وهو فن مرتبط بالرسم على الجدران العامة والخاصة، لذا فإن ممارسيه يعانون الملاحقة بتهمة التخريب أو تشويه الممتلكات في معظم الدول، خصوصاً أن الرسوم عادة ما تتسم بالنقد اللاذع من طريق الاستخدام الصريح والمباشر للصور والكلمات التي يعتبرها البعض بذيئة وخادشة للحياء. غير أن هذا النوع من الفن استطاع أن يفرض نفسه أخيراً أحدَ أشكال التعبير، متخذاً طريقه نحو قاعات العرض ومقتنصاً شرعيته كأحد الأنشطة الفنية، إذ شرع بعض الدول والحكومات إلى تخصيص أماكن لممارسته أو إقامة مهرجانات خاصة به محاولة لترويضه وممارسته في إطار شرعي. وعلى رغم ذلك، يرى كثيرون من ممارسيه أن الغرافيتي الحقيقي لا بد من أن يظل خارج المؤسسة الرسمية والشرعية لأنه بهذا يتخلى عن أحد أهم سماته الأساسية في الترويج للأفكار والاحتجاج بحُرية. ويرى مدير مركز مختار الثقافي الفنان تامر عاصم أن مهرجان الغرافيتي محاولة لإضفاء نوع من شرعية العرض على ذلك الفن الذي يُمَارس عادة في الشارع من دون الانتقاص من جرأته وحيويته في الوقت نفسه، وهو ما يعد إضافة بحسب رأيه توازي ما سيخسره المبدع من إثارة أثناء تنفيذ إبداعه في الشارع والذي عادة ما يمارس خلسة وفي شكل غير قانوني. والمهرجان الذي ينظم للمرة الثالثة في القاهرة، هو أول احتكاك بقيم هذا الفن في شكلها المعاصر في مصر على المستوى الرسمي. وهو يستقطب منذ دورته الأولى شباباً من خريجي وطلبة كليات الفنون تعرَّف بعضهم إلى فن الغرافيتي من خلال الممارسة العملية خلال الدورتين السابقتين، بينما كان التعامل مع ذلك الفن التجربة الأولى لعدد آخر من المشاركين. يشير محمد أسامة خريج كلية الفنون وأحد المشاركين في المهرجان إلى أنها المرة الأولى له في التعامل مع فن الغرافيتي، إذ كانت كل معرفته بذلك الفن تنحصر في بعض القراءات عنه وعن نشأته ووسائل وأدوات العمل التي يستخدمها فنانو الغرافيتي حول العالم، والتي تقتصر على ألوان الإسبراي وبعض أنواع الطلاء التي تنتج خصيصاً من أجل التعام ل مع الجدران الخشنة.