لم تُشكّل التقارير أمس عن توغّل جديد للقوات الإثيوبية في أراضي الصومال بعد أقل من أربعة شهور من انسحابها منه، مفاجأة كبيرة للمحللين والخبراء الأمنيين في شؤون المنطقة الذين قالوا إن هذا التدخل يدخل على الأرجح في إطار استراتيجية تهدف إلى منع المعارضين الإسلاميين من تحقيق انتصار على القوات الموالية للرئيس شيخ شريف أحمد في وسط الصومال، وإلى تخفيف ضغطهم على قواته المحاصرة في أجزاء فقط من مقديشو. وسارعت أديس أبابا إلى نفي إرسالها قوات إلى الصومال وأكدت أن لا نية لديها للعودة إليه. وتلقت الجهود لمنع القوات المناوئة لإثيوبيا من السيطرة على الصومال صفعة قوية قبل أيام عندما استطاع الإسلاميون احتلال مدينتين مهمتين وحصر قوات الحكومة في بعض المواقع في العاصمة. وقبل شهور فقط كانت إثيوبيا - ومعها المجتمع الدولي - تراهن على أن وصول الرئيس المعتدل شيخ شريف شيخ أحمد إلى سدة الرئاسة سيؤدي إلى تشتيت الإسلاميين وقيام حكومة غير معادية لجيرانها. لكن وصول أحمد إلى الرئاسة لم يؤد سوى إلى تعزيز المعارضة الإسلامية التي أصرت على انسحاب القوات الافريقية من مقديشو على غرار انسحاب القوات الإثيوبية في كانون الثاني (يناير) الماضي. ويسيطر الإسلاميون، وعلى رأسهم «الحزب الإسلامي» وتنظيم «حركة الشباب المجاهدين»، على معظم جنوب الصومال، بينما تسيطر القوات الحكومية بمساعدة الاتحاد الافريقي على ميناء مقديشو ومطارها ومحيط القصر الرئاسي. وبعد معارك شديدة قبل أيام في العاصمة، بات الإسلاميون يقفون على أبواب قصر الرئاسة. ولم تستطع ميليشيا إسلامية تدعم الحكومة وتُطلق على نفسها اسم «أهل السنة والجماعة» تحقيق انتصار حاسم على قوات «الشباب» في أقاليم وسط الصومال. وتضم هذه المجموعة رجالاً من عشائر صومالية وصوفيين مناوئين ل «الشباب»، وهي استطاعت في معارك عدة الحاق الهزيمة ب «الشباب» و «الحزب الإسلامي» وطردهما من بعض المدن. وقال سيميو ويرونغا، المحلل العسكري في معهد شرق افريقيا للدراسات الأمنية، ل «الحياة» إن «لا مصلحة بعيدة المدى لإثيوبيا للبقاء في الصومال. اقتصادها لا يحتمل بقاء قواتها هناك». وأضاف: «أي توغل للقوات الإثيوبية في الصومال في هذا الوقت هو خطوة على الأرجح تهدف في المقام الأول الى ضمان أن لا تحقق اريتريا تقدماً على الأرض من خلال حلفائها الإسلاميين وإلى تخفيف ضغطهم على العاصمة». وقال إن الرئيس شريف أحمد لن يعارض في الوقت الحالي أي جهد لمساعدته «فحكومته محاصرة وليس لديه خيارات كثيرة». واعتبر زعيم «الحزب الإسلامي» الشيخ عمر إيمان أبو بكر الذي تحدث ل «الحياة» من مقديشو أن للتوغل الاثيوبي «هدفان: دعم ميليشيا الصوفيين، ولكي تقول (إثيوبيا): نحن هنا، لم نرحل، ولن نسمح لكم بالسيطرة على مزيد من البلدات في وسط الصومال». وقال إن مستشار الأمن القومي الصومالي عمر هاشي ووزير المال شريف شيخ حسن موجودان حالياً في أديس أبابا للحصول على دعم للحكومة الصومالية. واضاف أن القوات الحكومية «ستنهار حتماً إذا لم تحصل على دعم خارجي، والوسيلة المثلى للحصول على هذا الدعم هو من خلال القول للعالم: إننا نتعرض لهجوم ونحتاج إلى دعم عاجل».