تَقَدّمت الحكومة السودانية، أمس، بشكوى رسمية إلى مجلس الأمن ضد تشاد، وقالت إنّها تحتفظ بحق الرد في إطار ما تكفله مواثيق الأممالمتحدة وواجبات الدفاع عن الوطن والشعب. وجاء ذلك في وقت أعلنت تشاد أنها ستوجه خلال الساعات المقبلة ضربات جديدة ضد المتمردين في إقليم دارفور السوداني. ووصفت مذكرة إحاطة رفعها مندوب السودان الدائم لدى الأممالمتحدة السفير عبدالمحمود عبدالحليم، الخروقات التشادية بأنّها «مُغامرة انتحارية يائسة» للهروب من المشاكل الداخلية التي يعاني منها حكم الرئيس إدريس ديبي. وقالت المذكرة إنّ انتهاك تشاد للمجال الجوي السوداني يؤكد أنها لا تُراعي حرمة الجوار ولا قدسية اتفاقات التطبيع الموقّعة بين البلدين، وأضافت انه في الوقت الذي يتوخى فيه السودان ضبط النفس، وأخطر الأسرة الدولية والإقليمية بالهجوم، واصلت تشاد وللمرة الثالثة اختراقاً جوياً في مناطق جنوبالجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور وشمال سندو. وأكَّدت المذكرة أنّ هذا التطور يُؤكِّد إفلاس النظام التشادي وعدم صدقيته، وأشارت الى أن وزير دفاعه اعترف باختراق المجالات الجوية السودانية. ونقلت وكالة «رويترز» من نجامينا عن وزير الدفاع التشادي تأكيده أمس الثلثاء أن تشاد تجهّز قواتها المسلحة لدخول السودان «في الساعات المقبلة» لاعتراض ما قالت إنه هجوم جديد يعتزم المتمردون شنّه في المنطقة المحيطة بحدودها الشرقية. وقال الوزير أدوم يونسمي في بيان: «هذا الوضع الجديد سيدفعنا في الساعات المقبلة الى عبور الحدود للتصدي لجيوب المرتزقة هذه». وتصاعد التوتر بين البلدين في الايام الأخيرة واكدت تشاد يوم الأحد أن قواتها الجوية نفذت غارات داخل الاراضي السودانية ضد من قالت إنهم متمردون يدعمهم السودان. إلى ذلك، جدد رئيس حكومة جنوب السودان زعيم «الحركة الشعبية لتحرير السودان» سلفاكير ميارديت رفضه نتيجة التعداد السكاني التي أعلنت أخيراً. ودعا ميارديت لدى مخاطبته مؤتمراً للقيادات القبلية في جنوب السودان إلى عدم استخدام نتائج التعداد في الانتخابات واقتسام الثروة والسلطة لتفادي اعتراضات الجنوب، وحذّر من انهيار اتفاق السلام متهماً جهات خارجية وداخلية بتهديده، لكنه شدد على أن لا عودة مرة أخرى إلى مربّع الحرب. ورأى استحالة اجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في موعدها المحدد العام المقبل لعدم استقرار الاوضاع الأمنية في جنوب البلاد. وأمر حكام الولاياتالجنوبية بنزع السلاح من أيدي القبائل في مناطقهم، وإشراك الجيش والشرطة في عملية نزع السلاح. واعتذر عن الانتهاكات التي ارتكبها «الجيش الشعبي» الذي يسيطر على الاقليم في أثناء فترة الحرب. على صعيد آخر، اعتصم أكثر من أربعين صحافياً سودانياً أمام مقر البرلمان السوداني أمس نحو ساعتين احتجاجاً على مشروع قانون جديد للصحافة الذي بدأت مناقشته، كما انسحب نحو 150 نائباً من ثلاث كتل من جلسة البرلمان. وانتقدت معظم المنظمات الحقوقية والصحافية السودانية على مختلف توجهاتها مشروع قانون الصحافة الجديد الذي ينص على فرض غرامات تصل الى 50 ألف جنيه سوداني (21500 دولار أميركي) على الصحف أو الصحافيين المخالفين للقانون أو حبس الصحافي فترة غير محددة في حال عجزه عن دفع الغرامات المالية. ويمنح مجلس الصحافة والمطبوعات صلاحية اغلاق صحف، وفرض عقوبات ادارية على الصحف والصحافيين. كما اعطى مشروع القانون محكمة مختصة لقضايا الصحافة والمطبوعات حق تعطيل الصحف وسحب تراخيصها ومصادرة مطابعها في حال ادانتها في قضية نشر. وقالت «شبكة الصحافيين السودانيين» التي تضم مئات الصحافيين المستقلين إنها نظمت الاحتجاج على مشروع قانون الصحافة الجديد لأنه يحدّ من حرية الصحافة ويفرض قيوداً على الصحافيين ويخيفهم ب «ترسانة من العقوبات». كما انسحب نحو 150 نائباً من «الحركة الشعبية لتحرير السودان» و «التجمع الديموقراطي» المعارض اضافة الى نواب من دارفور من جلسة البرلمان صباح أمس عند طرح مشروع القانون للمناقشة احتجاجاً على ما يتضمنه من قيود على حرية الصحافة. وقال رئيس كتلة «الحركة الشعبية» في البرلمان ياسر عرمان للصحافيين إنهم انسحبوا من جلسة مناقشة السمات العامة لمشروع قانون الصحافة بعد فشلهم في الاتفاق مع شركائهم في المؤتمر الوطني الحاكم، موضحاً ان حركته لم تصغ مشروع القانون بعكس ما زعم الحزب الحاكم. وطالب بإلغاء كل المواد التي تؤثر على حرية الصحافة. أما رئيس كتلة «التجمع الوطني الديموقراطي» حسن ابو سبيب فقال إنهم انسحبوا لتجاهل رئيس البرلمان احمد ابراهيم الطاهر مشروع القانون الذي قدمته كتلة التجمع كما لم تتم مشاورتهم في مشروع القانون، لافتاً إلى أنهم يسعون الى اقرار قانون ديموقراطي يكفل حرية الصحافة ولا يكبلها.