وجد المثقفون في كلمة «احتفال» ما يلائم الإرث الحضاري العربي الإسلامي، خاصة في مجال الإبداعات الشعبية. كما أنه يلائم كثيراً تلك الطقوس التي عرفها الإنسان، ووفقاً لعبدالرحيم محلاوي فإنهم وجدوا فيه الشكل التعبيري الذي تولدت عنه كل الفنون الأخرى من رقص، شعر، غناء ورسم وما إلى ذلك، لذا تقرر اعتبار كلمة «احتفال» مصطلحاً خاصاً، لأنه قادر على استيعاب الإبداعات العالمية كيفما كانت. ويبدو أن الحفل كان مصدر كثير من الفنون لأنه يتوفر على الأداة التعبيرية كما ان الإحساس بالزمن هو الذي يجعل من مفهوم الاحتفال مفهوماً تاريخياً صرفاً، يرتبط بظروفه الزمانية والمكانية ويتجدد بتجددها (حسن يوسفي) لأننا في الاحتفال، قد نكرر نفس الفعل، ولكننا لا نكرر نفس الإحساس. يقول عبدالرحمن بن زيدان في كتابة التغيير والتكريس (ترتفع الأقنعة ليظهر الإنسان عارياً أمام الحقيقة بعدما طمسته روتينية الأيام وغيبت جوهر الإنسان ميكانيكية الآلة، (ويعتبره آخرون جوهر الحياة في كل تجلياتها المختلفة، حتى لا يقتصر فهم الاحتفال على أنه المسرات والأفراح والانشراح، لأن هذا الفهم يقف على المدلول اللغوي الشائع والمبتذل فالاحتفال هو غير الاحتفالية كما أن الرمز هو غير الرمزية، والوجود هو شيء آخر غير الوجودية. ويعتبر الاحتفال التظاهرة الإنسانية الأزلية التي تعكس الثقافة والفكر كما هو سائد عند بعض المفكرين مثل: ميكائيل باختين، ألفريد سيمون، وهوعند جان جاك روسو صراع ضد كل ما هو ساكن، ما هو جامد، إنه تقييم لما هو عادي لإظهاره على حقيقته. ونحن نغني للوطن في يومه المجيد، تحضر إشكالاتنا الثقافية ليعلو ضجيجها على نغمات حبنا له، وليقف ضعف ثقافتنا الاحتفالية وكثرة جدلنا حول المصطلح الذي يناسب الجميع وهل هو الاحتفال، أم الاحتفاء، أم التذكر فقط، أو حتى التذكير. كانت خطوة تاريخية أن يكون هذا اليوم إجازة رسمية، فهي الحد الأدنى من الاحتفاء، وهي جعلت الناشئة، والإخوة والأصدقاء المقيمين يتذكرون هذا اليوم، ينتظرونه، فرحة بالإجازة فقط، فهل يمكن أن نزيد جرعة الفرح والاحتفال عاماً بعد عام حتى نزيد ولعهم بانتظاره، وحتى نريهم جانباً من حياتنا وثقافتنا، وجوانب من فنوننا وإبداعاتنا، حتى نشركهم – كما تفعل بعض سفاراتنا مشكورة – في العرضة السعودية، الخطوة الجنوبية، الدحة الشمالية، المجرور، و«اليامال» الشرقاوي، وغيرها، ليس ليرقصوا فقط، بل ليشعروا أننا نحتفل، وإذا رأوا الفرح والضحك في رقصاتنا أو مسرحياتنا او كرنفالاتنا عرفوا أن يومنا الوطني ليس فقط ديباجة تحريرية تقرأ وتشاهد وتسمع، وتهمل لأنها خاوية من التشويق، وليس مجرد إجازة قصيرة جديدة عليهم وعلينا، وربما إذا أشعنا الفرح عبر ثقافة الاحتفال أو الاحتفاء – فليسمها من أراد ما شاء – نخلق الحب، وتمتزج أرواحهم بشيء من ثقافتنا، وأشياء من أرضنا وإنسانها. [email protected]