جدد رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري «حرصه الشديد على صون الاستقرار والوحدة الداخلية والوفاق، كحرصه على المحكمة الدولية واستمرار عملها»، مذكراً بأن ذلك «من ضمن الالتزامات التي أجمع عليها كل الأطراف على طاولة الحوار وفي البيان الوزاري». هذا الموقف نقله المستشار السياسي لرئيس الحكومة داود الصايغ الى البطريرك الماروني نصرالله صفير أمس، ضمن رسالة من الحريري تؤكد كما قال الصايغ، «الثوابت الوطنية التي كانت ولا تزال المرتكز الأساسي للعلاقة بينهما وفي طليعتها الحرص على العيش المشترك وعلى السلم الأهلي والاعتدال والحوار وتحصين الدولة الحاضنة للجميع، ودعم المؤسسات لكي تكون المرجعية الوحيدة للبنانيين». والتقى الحريري أمس في السراي الكبيرة، المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي، وعرض معه الأوضاع الأمنية في البلاد. والتقى أيضاً منسق الأمانة العامة ل «قوى 14 آذار» فارس سعيد والنائب السابق سمير فرنجية في حضور نادر الحريري والمستشارين محمد شطح وهاني حمود، وعرض معهما الأوضاع العامة والمستجدات. وشدد وزير الدولة جان أوغاسابيان على الحاجة «إلى تهدئة، وخطاب سياسي منطقي وعقلاني واستقرار لأن الظروف كما هي مسيئة على المستويات كافة». وأكد اوغاسبيان بعد لقائه متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران إلياس عودة، «التعاطي بمسؤولية والعودة إلى المؤسسات الدستورية الشرعية السياسية والعسكرية والأمنية والقضائية، والتزام الثوابت اللبنانية في اتفاق الطائف والمرجعيات السياسية وحل كل المسائل داخل دوائر المؤسسات الشرعية القائمة إن كان مجلس النواب أم مجلس الوزراء أم باقي المؤسسات». وتمنى «أن نضع حداً لهذا الجنون الحاصل على صعيد الخطاب السياسي عند البعض، والتوترات والتصعيد من هنا وهناك، وأن ننتقل إلى مرحلة تهدئة عامة واستقرار ونعود إلى بحث كل المسائل أياً كانت هذه المسائل في ظروف طبيعية مع المرجعيات المختصة. والمفروض أن يكون هناك احترام لهذه المؤسسات، لا يجوز لأي سبب كان انتهاك المؤسسات أو ضرب هذه المؤسسات أو اتهامها. هذه المؤسسات شرعية وهي مؤسساتنا كلنا وعلينا احترامها». وأكد النائب تمام سلام بعد لقائه الحريري أن الأخير «يعول كثيراً على دور الحكومة ومجلس الوزراء، كما كان ذلك في الفترة الماضية وسيستمر في هذا الاتجاه»، وقال في تصريح بعد اللقاء: «إذا أراد كل الفرقاء السياسيين المشاركين في هذا المجلس أن يقوموا بتسديد ما عليهم من قسط تجاه حكومة الوحدة الوطنية والحفاظ على الأمور في لبنان في إطارها الصحيح، عليهم جميعاً القيام بدورهم الصحيح من خلال مجلس الوزراء وليس من خارجه. فكل ما نشهده على مستوى ما حصل ويحصل من ضجيج وتجاوزات وحتى تعديات خارج إطار مجلس الوزراء، سيكون حتماً على حساب الوطن والمواطن مهما اعتقدت فئة من هنا أو هناك أن هذا الأمر يعود لصالحها أو لنفوذها أو لموقعها أو لتفوقها على غيرها من الفئات في البلد». وشدد سلام على ضرورة «ممارسة الوحدة الوطنية من خلال حكومة الوحدة الوطنية وأن يعطى لها فرصة لتقوم بدورها كما يجب. والحكومة تمكنت حتى اليوم من تحقيق العديد من الإنجازات، فلماذا الحديث عن حكومة أخرى؟ إلا أذا كان عند بعض الجهات أو القيادات هواجس أو بعض الأطماع أو الأحلام». واعتبر أن مجلس الوزراء «تمكن من معالجة الكثير من الأمور والقضايا وأبرزها وآخرها مثلاً كان موضوع شهود الزور الذي احتل مساحة واسعة من النقاش السياسي والمواقف السياسية في البلد، ووجدنا أن مجلس الوزراء تأهب واستوعب الموضوع ووضعه في نصابه الصحيح، فلماذا التشكيك بقدرة مجلس الوزراء؟ وأعتقد أن مجلس الوزراء سيتمكن من امتصاص الكثير من الضجيج والتباين والفلتان السياسي والخطابي الذي حصل، والتباحث بشكل ناضج ومسؤول وما يوضع اليوم في خانة التعدي على الدولة أو تجاوزها أو استباحة القوانين، لا بد من أن يكون في مجلس الوزراء مجال واسع لوضع الأمور في نصابها». ورحب عضو كتلة «المستقبل» النيابية عمار حوري، في حديث الى محطة «الجديد» ب «عودة لغة التخاطب الهادئ»، مذكراً بأن بيان «حزب الله» الذي صدر على «خلفية إصدار مذكرة جلب بحق جميل السيد هو الذي كان الشرارة التي فجرت الأمور». وقال حوري: «نحن منذ البداية لم نبادر إلى أي تصعيد، وإذا عدنا بالذاكرة إلى الماضي القريب، سمعنا الكثير بدءاً من المؤتمر الصحافي لجميل السيد وللتعليقات التي لحقت به من دون أن نحرك ساكناً، إلى أن صدر الجمعة الماضي البيان الشهير ل «حزب الله» الذي دعم فيه جميل السيد، وكانت الشرارة التي فجرت الأمور، ودخلنا إلى هذه الوتيرة من النقاشات الحادة»، وأضاف: «نحن دعاة هدوء وحوار وتنظيم الاختلاف مع الآخر، ونرحب بعودة لغة التخاطب إلى اللغة الهادئة». ورأى «أن الفريق الآخر يفتعل وضعاً معيناً ثم يناقش ردود الفعل عليه، وكنا نأمل أن نسمع من «حزب الله» كلمة واحدة تعليقاً على ما قاله جميل السيد بحق رئيس مجلس الوزراء وبحق شركاء «حزب الله» في الوطن، لكنه لم ينطق ببنت شفة، كان على «حزب الله»، بما نعرفه عنه من تأن في أخذ المواقف أن يدرك أن بيان كهذا لا يفيد بشيء في ظرف كهذا». وأكد عضو الكتلة نفسها كاظم الخير أن «ليس من مصلحة أحد محلياً وإقليمياً أن تندلع فتنة في لبنان»، وحذر من أنه «في اليوم الذي تقع فيه الفتنة سيكون التطرف سيد الموقف»، مشدداً على أن «الاحتكام إلى السلاح واستخدامه سيضر بالمقاومة قبل غيرها». وقال لمحطة «أخبار المستقبل» إن «اللقاءات بين اللبنانيين ضرورية (في إشارة إلى احتمال لقاء الحريري والأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله) لا سيما من أجل كسر الجليد جراء التصريحات»، داعياً إلى «عدم وضع شروط لعقد مثل هذه اللقاءات»، وطالب بضرورة «توثيقها لاطلاع اللبنانيين عليها»، مؤكداً أن «لدى الرئيس الحريري موقفاً سيعلنه خلال اليومين المقبلين إلى كل اللبنانيين، لتأكيد الثوابت، وأن المراجعة الذاتية ليست ضعفاً». وأشار إلى أن «نواب المستقبل لمسوا من الرئيس الحريري في اجتماع الكتلة (أول من) أمس تفاؤلاً وارتياحاً، لأنه يعلم أن أحداً ليس مستعداً للذهاب إلى الفتنة»، وكشف أن الحريري «أكد لنا خلال اجتماع الكتلة أن مصطفى ناصر كان الوسيط بينه وبين المدير السابق للأمن العام اللواء جميل السيد»، معتبراً أن «ما قاله النائب عقاب صقر عن علاقة اللواء السيد بالمعلومات التي أوردتها صحيفة «در شبيغل» أمر خطير يجب التحقيق فيه لأنه كاد يودي بالبلد».