بينما عمد رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو إلى عدم التطرق في تصريحاته أمس قبل الاجتماع الأسبوعي لحكومته، إلى مصير البناء في مستوطنات الضفة الغربية مع انتهاء فترة تعليقه الأحد المقبل، أكد شركاؤه في الائتلاف الحكومي من اليمين المتطرف رفضهم تمديد الفترة، وهو الموقف ذاته الذي أبداه رئيس الحكومة في اجتماعه أمس وزراء حزبه «ليكود»، كما قال عدد منهم لوسائل الإعلام العبرية، مضيفين أن نتانياهو كرر موقفه بأنه «لم يطرأ أي تغيير على موقف إسرائيل» من مسألة تجميد البناء في المستوطنات. من جانبه، أطلق وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان جملة تصريحات أكد فيها رفضه تعويض الفلسطينيين بأراض بديلة لتلك المقامة عليها التجمعات الاستيطانية الكبرى في محيط القدس وغرب الضفة الغربية، والتي تريد إسرائيل ضمها إلى تخومها في إطار أي اتفاق، مكرراً مشروعه الداعي إلى «تبادل سكاني»، أي ترحيل فلسطينيي ال 1948 إلى الدولة الفلسطينية في مقابل ضم نصف مليون مستوطن إلى إسرائيل، منفلتاً في هجوم عنصري على قادة عدد من قادة العرب في الداخل. ونقلت وسائل الإعلام العبرية عن نتانياهو قوله في اجتماع وزراء حزبه إنه لا يستطيع الخوض في تفاصيل جولة المفاوضات الثانية التي أجراها الأسبوع الماضي في شرم الشيخ وفي مكتبه في القدسالمحتلة مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس (أبو مازن) بمشاركة وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون بداعي «حساسية هذه المحادثات». وكرر أنه «يصر بكل قوة» على ضمان احتياجات إسرائيل الأمنية «كي لا يتكرر إطلاق الصواريخ على مواطني إسرائيل مثلما حدث بعد خروج إسرائيل من لبنان وقطاع غزة». وأضافت أن نتانياهو أكد من جديد أن موقفه من استئناف البناء الاستيطاني لم يتغير أيضاً بعد المفاوضات في شرم الشيخ والقدس، وهو الكلام ذاته الذي حمله بيان أصدره مكتبه نهاية الأسبوع. وتوقعت مصادر إسرائيلية أن يحاول الرئيس شمعون بيريز خلال لقائه المتوقع مع عباس في نيويورك على هامش أعمال الجمعية العمومية للأمم المتحدة، الضغط عليه «للحيلولة دون تفجير المفاوضات». إلى ذلك، أفادت وسائل الإعلام العبرية أن دولاً اوروبية تحاول الضغط على إسرائيل كي لا تستأنف البناء الاستيطاني. وذكرت أن المستشارة الألمانية أنجغيلا مركل طلبت من نتانياهو في اتصال هاتفي أجرته معه نهاية الأسبوع، تمديد مفعول قرار التجميد لأشهر أخرى، «ما من شأنه أن يساهم في دفع المفاوضات قدماً». في المقابل، أخذ ليبرمان على نفسه مهمة إطلاق تصريحات متشددة من الفلسطينيين وتأكيد رفضه تمديد تجميد البناء. وأيده في موقفه أقطاب أحزاب يمينية أخرى شريكة في الائتلاف الحكومي. وهاجم ليبرمان بشدة الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى على تصريحه أخيراً بأن الدول العربية لن تعترف بإسرائيل دولة يهودية، وقال إن «هذا الرفض العربي والفلسطيني يستوجب منا استعداداً لتطبيق حل يشمل تبادل السكان والأراضي، وقضية العرب في إسرائيل يجب أن تكون إحدى القضايا المركزية على طاولة المفاوضات (مع السلطة الفلسطينية)». وأضاف: «إنها قضية عملنا حتى اليوم على التهرب منها لكن لا يمكن أن نواصل هكذا ... لا يمكننا أن نواصل التهرب من معالجة ظاهرة مثل (النائب العربية من التجمع الوطني الديموقراطي) حنين الزعبي وأشخاص مثل (زعيم الحركة الإسلامية الشيخ) رائد صلاح يحاربون الصهيونية ويتماثلون تماماً مع الطرف الثاني (الفلسطيني)». وزاد: «يجب من وجهة نظري أن ينتقلوا (إلى أراضي السلطة الفلسطينية) ليكونوا مواطنين فلسطينيين فيها». وعاود تأكيد برنامجه السياسي المتطرف الذي أكسبه مقاعد برلمانية في الانتخابات الأخيرة والقائم أساساً على ترحيل مئات آلاف من فلسطينيي ال 1948 إلى أراضي السلطة. وقال إن «المبدأ الذي يجب أن يرشدنا في المفاوضات ليس مبدأ الأرض مقابل السلام إنما تبادل أراض وسكان ... بإمكانهم (فلسطينيي 1948) أن يُنتخَبوا للبرلمان في غزة عند «حماس» أو «فتح» وأينما يشاؤون، لكن لا أن يمسكوا العصا من طرفيها». وكان ليبرمان بلّغ نظيره البريطاني وليام هيغ مساء أول من أمس أنه يرفض بشدة أي احتمال لمواصلة تجميد البناء بعد انتهاء الفترة المحددة بداعي أن الفلسطينيين أهدروا عشرة أشهر (فترة تجميد البناء) «وحتى عندما جاؤوا الآن إلى المفاوضات لم يأتوا لرغبتهم في التوصل إلى حل إنما لأنها فرضت عليهم ... التجميد هو ذريعة فلسطينية لإفشال المفاوضات، ومن يبحث عن ذرائع سيجدها حتى إن تم تمديد التجميد». من جهته أيضاً، قال زعيم حركة «شاس» الدينية الشرقية المتطرفة نائب رئيس الحكومة ايلي يشاي انه «يحظر علينا مواصلة تجميد البناء في المستوطنات ... هذه مجرد حجج. الفلسطينيون لا يريدون التفاوض وليسوا قادرين على اتخاذ قرار ... يجب ألا نخرق التزامنا (باستئناف البناء بعد انتهاء فترة تعليقه) ... الفلسطينيون يبنون من دون تراخيص بناء، وعندما نتحدث نحن عن بناء داخل التجمعات الاستيطانية الكبرى يحتجون ... أنا أعارض مواصلة التجميد، وكذلك غالبية الإسرائيليين». وأيد وزير العلوم من حزب «البيت اليهودي» دانيئل هرشكوفتش موقف يشاي، مضيفاً ان حزبه أوضح في شكل لا لبس فيه (لرئيس الحكومة) أن مواصلة التجميد ليست قيد النقاش. وعقبت الزعبي على تصريحات ليبرمان بالقول إن الأخير «يعترف بأنه لا مجال بعد الآن للقفز فوق واقع الفلسطينيين في البلاد عند الحديث عن أي حل عادل في المنطقة، لكن ما لم يفهمه بعد هو أن حقوقنا في وطننا ليست متعلقة بآرائه أو حتى في تعريف دولة إسرائيل، وإنما تشتق من كوننا أصحاب وطن موجودين هنا رغم أنفه وأنف أمثاله». وأضافت: «ليبرمان يؤمن بنظام الأبرتايد والتطهير العرقي، بينما نستند نحن في التجمع الوطني الديموقراطي على مبدأ المساواة الكاملة غير الممكنة في ظل تعريف إسرائيل لنفسها كدولة يهودية». ولفت رئيس كتلة «التجمع» البرلمانية الدكتور جمال زحالقة في حديث للإذاعة العامة، إلى أن التصريحات العنصرية «صادرة عن إنسان خطير، ليس مجرد هامشي على الساحة السياسية الإسرائيلية، بل يكاد يكون التيار المركزي». وقال إن لليبرمان مكاناً محترماً في أي حزب فاشي وعنصري في العالم. واذا كانت لديه مشكلة معنا، فليبحث عن مكان آخر ... نحن أبناء هذه الأرض وسكانها الأصليون ... ولدنا هنا وحصلنا على المواطنة ليس بمنّة منه إنما لأننا أبناء هذه البلاد، قبل أن يأتي هو وأبوه».