تحكم عوامل متناقضة سوق العقارات في الأردن بعد سنتين على الركود العالمي الذي ضرب غالبية القطاعات العقارية في المنطقة. وأشار تقرير لشركة «المزايا القابضة» الإماراتية إلى استمرار بحث قطاع عريض من الأردنيين سواء المقيمين في الأردن أو المغتربين في دول الخليج وباقي بلدان العالم عن شقق وعقارات في العاصمة عمان والمدن الأخرى، فيما ساهم ارتفاع أسعار الأراضي وإصرار أصحاب شركات الإسكان على الحفاظ على مستوى سعري ثابت في ظل شح التمويل ومصادر الاقتراض، ما ساهم في دخول العقارات الأردنية في ركود تضخمي على رغم وجود طلب نشط في بعض المناطق، خصوصاً عمّان الغربية الراقية، من قبل الميسورين. ولاحظ التقرير أن الحكومة الأردنية ولأجل تنشيط الاستثمار العقاري نفذت عدداً من الإجراءات، كتطبيق إعفاءات من الرسوم على الشقق والأراضي في ظل تكدس عشرات الآلاف من الشقق لدى الشركات العقارية، على رغم تباطؤ حركة البناء خلال السنتين الماضيتين. وأظهر التقرير نصف السنوي لدائرة الأراضي والمساحة ارتفاع حجم التداول في السوق المحلية خلال الأشهر السبعة الماضية إلى 2.9 بليون دينار (أربعة بلايين دولار)، مقارنة ب 2.35 بليون دينار، يدفعها ارتفاع القيمة السوقية لمبيعات الشقق والأراضي إلى غير الأردنيين. وأوردت تقارير إعلامية نُشرت في الأردن أن معادلة غير منطقية تحكم سوق العقارات في عمان الغربية، إذ استقرت أسعار الشقق عند مستويات مرتفعة، على رغم تراجع الطلب في شكل ملحوظ. وفسر عاملون في القطاع العقاري ارتفاع أسعار الشقق بارتفاع تكاليف الأراضي، خصوصاً في ظل تشبث ملاكها بعرضها بأسعار مرتفعة، وتمسكهم بتحقيق هوامش ربحية مرتفعة، على رغم عزوف الزبائن عن شراء الشقق والأراضي خوفاً من حدوث انهيار في الأسعار، لكن هذا لم يحدث إلا في مناطق محددة، خصوصاً في جنوب عمان. وشددت «المزايا» على أن العقارات من أهم مكونات الناتج المحلي الإجمالي في الأردن إذ ساهم الانخفاض ولو المحدود للإيجارات وأسعار العقارات في تراجع التضخم في المملكة، إذ أظهرت بيانات لدائرة الإحصاءات العامة تباطؤ المعدل السنوي لأسعار المستهلكين في شكل طفيف إلى 4.7 في المئة في آب (أغسطس) من 4.8 في المئة في تموز (يوليو). لكن التضخم ازداد من 3.9 في المئة في كانون الثاني (يناير) مع ارتفاع أسعار السلع الأولية والنفط. واعتبر تقرير «المزايا» أن الإجراءات الحكومية بإعفاء أول 150 متراً مربعاً مبنياً بدلاً من 120 متراً من الضرائب وخفض رسوم نقل الملكية، إضافة إلى عودة المغتربين خلال الصيف، ساهمت في ارتفاع حجم التداول العقاري في شكل طفيف، على رغم استقرار الأسعار، سواء للشقق أو الفيلات أو الأراضي، إذ بلغ حجم تداول المساكن خلال تموز نحو 2230 شقة، بارتفاع بنسبة 10 في المئة قياساً بالشهر ذاته من العام الماضي (2022 شقة). وسجلت المساحات المرخصة للبناء نمواً بنسبة 8.6 في المئة خلال النصف الأول من السنة، إذ بلغت المساحات المرخصة وفقاً للتقرير 5529 ألف متر مربع، فيما بلغ عدد رخص الأبنية الصادرة في النصف الأول من السنة 15900 رخصة. ولفتت «المزايا» إلى تبدل مهم حدث في القطاع العقاري في الأردن يتمثل في الاتجاه نحو المساحات المبنية الصغيرة بدلاً من المساحات الكبيرة التي اعتادت عليها الأجيال السابقة، إذ أظهرت نتائج حصر رخص الأبنية أن الرخص التي تشمل مساحات صغيرة تقل عن 200 متر مربع شكلت نحو 64 في المئة من إجمالي أعداد الرخص، في حين شكلت الرخص التي تتعلق بمساحات تراوح ما بين 201 و500 متر مربع ما نسبته 23.1 في المئة. أما الرخص التي تزيد المساحات المنصوص عليها فيها على 500 متر مربع فشكلت 13 في المئة من إجمالي أعداد الرخص فقط. وسجلت محافظة العاصمة أعلى نسبة من حيث المساحات المرخصة، بلغت 53.8 في المئة من الإجمالي، وسجلت محافظات البلقاء والزرقاء ومأدبا مجتمعة ما نسبته 13.8 في المئة، ومحافظات الشمال 21.1 في المئة، ومحافظات الجنوب 11.3 في المئة من إجمالي المساحات المرخصة. وأكد تقرير الشركة أن تشدد المصارف في منح القروض والتسهيلات العقارية من جهة وارتفاع أسعار العقارات وتشدد أصحابها في الحفاظ على هوامش ربحية مرتفعة يبقيان السوق العقاري الأردني رهناً بتحركات طفيفة في مناطق محددة في العاصمة الأردنية، إذ لم تعد الشقق استثماراً مناسباً يدر عائداً ربحياً. ولاحظ أن ركود الاستثمارات الجديدة في العقارات واستقرار الأسعار وغياب الإنفاق الحكومي الرأسمالي الناجم عن معاناة الموازنة الأردنية من العجز نتيجة ارتفاع أسعار النفط يترافق مع دعوات بدأت تظهر في الأردن لطرح منتجات عقارية استثمارية مثل صناديق الاستثمار العقاري لتنشيط السوق وتوسيع قاعدة المستثمرين.