حكاية إعلان انفصال «جمهورية الرمثا الشعبية» عن الأردن في خمسينات القرن الماضي وهي بلدة تقع في شمال المملكة الهاشمية والتظاهرات التي وقعت في جامعة اليرموك وأدت إلى إقالة الحكومة في الثمانينات أحداث يتفق الأردنيون على تسميتها ب «التاريخ المحلي» ولكنهم لا يجدون تفاصيل عنها في مناهجهم. تلك المصطلحات علقت في ذهن الطالب الثانوي محمد بكر (17 سنةً) حين كان يقلب بالصدفة محطات التلفزة فظهرت أمامه على الشاشة الصغيرة شخصية أردنية في برنامج سياسي شد انتباهه لتناوله سرداً تاريخياً مفصلاً عن ذاك «التاريخ المحلي». وقاده الفضول وعدم الرغبة في إضاعة الوقت في البحث على رفوف المكتبات الى محرك البحث العنكبوتي الذي كان كفيلاً بتقديم وجبة دسمة متكاملة عن تفاصيل كل حدث مع اختلاف في الروايات ووجهات النظر وتقديم الوقائع، وهو ما تطلب منه مزيداً من التمحيص في سبيل الحصول على المعلومة. يقول محمد: «كثير من زملائي غير معنيين بقراءة مادة التاريخ وفي نظرهم هي متطلب دراسي من أجل تحصيل العلامة». والواقع أن عادة التمحيص في تناول المعلومة والتعمق في الرواية التاريخية للأحداث تبقى بعيدة كل البعد عن ممارسات الغالبية، وأحد الأسباب هو الجمود الذي يعتري مادة التاريخ والتعامل مع المادة بطريقة التلقين والبصم مع تغييب أساليب البحث العلمي والتفكير النقدي. وصحيح أن بعض الأحداث التاريخية إن ذكرت بطريقة غير مدروسة قد تتسبب بوقوع الفتنة بين ابناء البلد، لكن يتفق كثيرون على أهمية تسليط الضوء عليها خصوصاً في وقت بات الحصول على المعلومات متاحاً من مصادر عدة وبعضها مشبوه أصلاً. ويقول سليمان قبيلات وهو صحافي وقارئ نهم لكتب التاريخ أن «الدول العربية لم تنتظم بعد لكتابة تاريخها في شكل موضوعي وشفاف لذا في الاردن استطاعت إخفاء دور الحركة الوطنية».وأضاف: «هناك تزييف في كتابة التاريخ بسبب وجود طبقة اقتصادية واجتماعية في القطاع السياسي من مصلحتها عدم كتابة التاريخ الحقيقي»، مشيراً إلى أن ما يؤكد صحة كلامه تجاهل أحداث «التاريخ المحلي» لحقبة طويلة من الزمن في المناهج المدرسية. ويقول قبيلات: «ليس من المعقول تجاهل التفاصيل فالمشهد السياسي في ذلك الوقت كان يتصل بهيمنة المعارضة السياسية». ويذهب بذهنه إلى عام 1989 ليتذكر أحداث نيسان (ابريل) التي غاب ذكرها في كتب التاريخ على رغم أنها كانت من المحطات المهمة في التاريخ المحلي ويصفها قبيلات «بالمنعطف الرئيسي الذي أدى إلى ما يشبه الديموقراطية والتعددية الحالية». وتعرف تلك الاحدث بين الاردنيين ب «هبَة نيسان» وهي تظاهرات احتجاجية ومطلبية أطلقها سائقو سيارات الأجرة في مدينة معان وانتهت باشتباكات مع رجال الشرطة وامتدت بعدها الى مناطق عدة في المملكة. تلك حادثة يعرفها جيل كامل من الأردنيين لكن الكتب المدرسية لا تأتي على ذكرها ويقول قبيلات: «هناك تناقض يعيشه الجيل الجديد بين ما يحفظه في المدرسة وما يشاهده على الفضائيات التي تبث برامج حوارية تتناول مراحل يجهلها من تاريخ بلاده».