أكد وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية المهندس خالد الفالح أن السعودية حذرة في شأن التحول إلى الطاقة البديلة، مشيراً إلى أن التحول إلى مزيج الطاقة العالمي الجديد سيستغرق وقتاً طويلاً، مضيفاً أن أنواع الوقود التقليدي وغير التقليدي سيمثلان معاً جزءاً من مزيج الطاقة العالمي في المستقبل ولفترة زمنية طويلة، إضافة إلى زيادة الاعتماد على بدائل الطاقة بوتيرة مطردة، مؤكداً أن المملكة ملتزمة بتلبية حاجات الطاقة في الصين والهند والاقتصادات النامية الأخرى أثناء مراحل التحول التي ستمتد لعقود طويلة. ودعا خلال كلمة ألقاها أمس في منتدى «حوار الطاقة 2016» الذي ينظمه مركز الملك عبدالله للدراسات والبحوث البترولية (كابسارك) في مقر المركز بالرياض ويستمر يومين، إلى التفكير بطرق غير تقليدية ووضع أهداف طموحة لإحداث طفرة في نظام الطاقة العالمي، والحد من آثار مشكلة تغير المناخ، وإدارة هذه المرحلة الانتقالية المرتقبة التي تتسم بطولها وتعقيدها، وفهم هذا العالم المتغير والتخطيط له بشكل أفضل. وقال: «إن الهدف من إنشاء مركز الملك عبدالله للدراسات والبحوث البترولية يكمن في المقام الأول في التصدي لهذه التحديات العالمية التي تواجه قطاع الطاقة، ودراسة الخيارات المتاحة، وتحديد أفضل الحلول، وأن الطموحات التي نلقيها على عاتق مركز الملك عبدالله «كابسارك» تهدف إلى إيجاد مستقبل غير مسبوق». وأضاف: «علينا أن نوازن بين حاجات التنمية الاقتصادية وضرورات المحافظة على البيئة، من خلال زيادة القيمة الاقتصادية التي تثمرها الطاقة، من أجل تحقيق المصلحة لوطننا ومنطقتنا والعالم بأسره»، مشيراً إلى أنه في إطار السعي إلى تمهيد الطريق أمام مستقبل أفضل وأكثر إشراقاً في مجالي الاقتصاد والطاقة، علينا تحليل الأمور تحليلًا دقيقاً، واتباع نهج شامل لحل المشكلات وتحديد الفرص واتخاذ القرارات الحكيمة بشأنها. وأكد وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية أن المشاركة الكبيرة من الخبراء والمحللين وصناع القرار البارزين في منتدى حوار الطاقة هذا العام، للوقوف على العوامل المتغيرة لاقتصاد الطاقة المحلي والإقليمي والعالمي، ستعمل على إيجاد خيارات تمثل مختلف التخصصات ووجهات النظر، بما يساعد البشرية على مواجهة أصعب التحديات التي تواجهها في مجال الطاقة، والمساعدة في ضمان توفير الطاقة المستدامة للعالم في المستقبل. وأوضح أن منتدى حوار الطاقة الذي يعقده مركز الملك عبدالله «كابسارك» يُناقش مجموعة من القضايا ذات الأهمية المحلية والإقليمية والعالمية، وتبادل الأفكار والرؤى، وإيجاد حلول لمواضيع الطاقة، تعود بالنفع على البشرية في العالم، مشيراً إلى تطور منظومة الطاقة العالمية، وموجة التحولات الكبرى متعددة الأبعاد، والتحول الاقتصادي الطموح للمملكة، بما يتماشى و«رؤية 2030». وأضاف: «من واقع خبرتنا وما يفرضه علينا الحذر، فنحن ندرك أن التحول إلى مزيج الطاقة العالمي الجديد سيستغرق وقتاً طويلاً، مع الأخذ بعين الاعتبار أن مسار التحول ذاته يجب أن يضمن القدرة على مواصلة استيفاء هذه المتطلبات، التي تتمثل في سهولة الحصول على الطاقة، ووفرتها، وملاءمة ثمنها، وقبولها». وأردف: «لا غنى عن ضخ المزيد من الاستثمارات في مجال التقنية المتقدمة على سبيل المثال، من أجل الحد من الأثر البيئي لإنتاج الوقود الأحفوري واستهلاكه، في سبيل تحقيق الأهداف المتفق عليها بشأن المناخ. وإن المملكة لا تدخر جهداً في ضخ استثمارات في مجال التقنيات المتقدمة لتحقيق هذا الهدف، وفي الوقت ذاته، فإن المملكة ملتزمة وستظل ملتزمة بدورها في حل المشكلات المتعلقة بتغير المناخ. وأغتنم هذه الفرصة للتأكيد مرة ثانية على عزم المملكة على ترجمة التزاماتها التي تعهدت بها خلال المؤتمر ال21 للأطراف إلى عمل على أرض الواقع». وأكد وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية أن الطاقة المتجددة يمكنها أن تؤدي دوراً أكبر في تلبية حاجات العالم من الطاقة، ما حدا بالمملكة على التعامل معها بإيجابية، من أجل التوصل إلى أفضل السبل لتحقيق الأهداف العالمية بشأن المناخ، مبيناً أن المملكة تضخ استثمارات كبيرة في مصادر الطاقة المتجددة، وتم وضع أهداف طموحة ضمن رؤية المملكة 2030 لتنمية هذه المصادر، منها إنتاج 9.5 غيغاواط من مصادر الطاقة البديلة، لا سيما من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح. إذ تواصل مدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية والمتجددة جهودها الدؤوبة على مختلف الأصعدة لتطوير مزيج من الطاقة أكثر استدامة وأطول أمداً في المملكة. وتطرق إلى أن بعض التطورات تحمل نظرة تفاؤلية نحو نمو الطلب على النفط والغاز، إلا أن البعض منها سيشهد التحول إلى استخدام الطاقة الكهربائية وإيجاد بدائل على خلاف النفط والغاز، إذ إن اتجاه الطلب على الطاقة ومزيج الوقود والتقنية نتيجة لهذه التغييرات لن يوجد تحديات كبرى أمام العالم وقطاعاته الصناعية فحسب، بل سيمنح فرصاً هائلة. ولذلك، فإن قدرة السعودية على تجاوز اقتصادها القائم على الطاقة تلك التحديات يعتمد على استباقها هذه التغيرات وحفاظها على قدرتها التنافسية في الأسواق العالمية. وقال الفالح: «كما يعلم الكثير منكم، تدعو الرؤية إلى تنويع مصادر الاقتصاد، وخصخصة شركات ومشاريع كبرى مملوكة للدولة، وإقامة اقتصاد يضطلع فيه القطاع الخاص بدور ريادي، وتحقيق معدلات أعلى من التوطين، وجذب استثمارات دولية للمساعدة في تنويع مصادر الدخل، إلى جانب تحويل المملكة إلى مركز لوجستي عالمي يربط آسيا وأفريقيا وأوروبا». مؤكداً أن المملكة ستعمل على الاستفادة إلى أقصى درجة من الثورة الصناعية المقبلة، لدفع عجلة النمو الاقتصادي في المستقبل واغتنام الفرص التي توفرها الصناعات الجديدة، مثل الرقمنة، والذكاء الاصطناعي، والروبوتات، والقواعد الضخمة للبيانات، والحوسبة السحابية، وإنترنت الأشياء، وعلوم الهندسة الوراثية والتقنية الحيوية، منوهاً بالاتفاق الذي توصلت إليه المملكة أخيراً مع «سوفت بانك» للمساهمة في إنشاء صندوق استثماري بقيمة 100 بليون دولار أميركي. وأضاف: «في إطار استعداد المملكة للمستقبل الذي سيعتمد اعتماداً كبيراً على التقنية، يجب علينا جسر الهوة التي تحول دون توفير التعليم عالي الجودة، وتركيز اهتمامنا على تخصصات العلوم والتقنية والهندسة والرياضيات، والتدريب، والبحوث، والابتكار، وريادة الأعمال. ولعل التركيز على بناء القدرات الوطنية هو السبيل الوحيد الذي يضمن لنا نجاح مشاركتنا في الصناعات المعرفية في المستقبل، من خلال تعزيز تنمية القطاعات الأخرى من أجل إعادة توازن الاقتصاد وتسريع وتيرة نموه بشكل عام، إذ ستساعدنا إعادة هيكلة الاقتصاد وتنويع مصادره على تعزيز إمكانات بلادنا والحد من التقلبات الاقتصادية التي تنتج من الاعتماد الزائد على النفط». من جهته، أكد الرئيس التنفيذي للشركة السعودية للكهرباء المهندس زياد الشيحة في المنتدى أنه بتضافر جهود منظومة الطاقة في المملكة ستتمكن الشركة السعودية للكهرباء من توفير بين 1.2 مليون إلى مليوني برميل يومياً من الوقود المكافئ خلال السنوات المقبلة، ما يعني توفير نحو 600 مليون برميل مكافئ سنوياً. وأشار إلى أن خطط الشركة لتحسين كفاءة الاحتراق، بما يضمن تقليل الكلفة المالية وخفض التلوث البيئي، بعد أن حققت الشركة وفراً وصل إلى 100 ألف برميل وقود مكافئ يومياً، وتُخطط الشركة لتوفير 600 ألف برميل يومياً من الوقود المكافئ إذا تم تقليل استهلاك الكهرباء من المستهلكين من خلال استخدام التقنيات التي ترفع كفاءة الأجهزة، وأيضاً تقلل من استهلاك الكهرباء، إضافة إلى استخدام العوازل في البناء. إلى ذلك، أوضح رئيس مركز الملك عبدالله للدراسات والبحوث البترولية (كابسارك) المهندس سامر الأشقر أن الهدف من إقامة المنتدى هو تمهيد الطريق وفتح باب النقاش حول مختلف قضايا الطاقة والتداول حول الخيارات الاستراتيجية المتعلقة بالسياسات الاقتصادية في مجال الطاقة، من خلال التوفيق بين الجهود المشتركة بين صناع القرار والباحثين والعاملين في هذا المجال.