قال مسؤول إسباني بارز إن بلاده «تؤيد من حيث المبدأ لائحة الجزائر لتجريم دفع الفدى للإرهاب لكنها لم تصادق عليها بعد في انتظار شروحات أكثر عنها». ونفى أمام وزير جزائري أن يكون تنظيم «القاعدة» في الساحل قد تلقى «أي فدية» من بلاده أخيراً، في إشارة إلى مزاعم عن دفع أموال لقاء إفراج هذا التنظيم عن رهينتين إسبانيين. وجاء ذلك بعد ساعات من اختطاف سبعة أجانب في الساحل. واختطف الرهائن وبينهم خمسة فرنسيين في منطقة تعدين اليورانيوم في شمال النيجر، وقال محللون إن هناك مخاوف من أن ينتهي الحال بهم الى أيدي جناح «القاعدة في المغرب الإسلامي». وكان واضحاً في المحادثات التي أجراها أول من أمس الوزير الجزائري المكلف الشؤون المغاربية والافريقية عبدالقادر مساهل مع كاتب الدولة الإسباني المكلف الشؤون الخارجية وأميركا اللاتينية خوان بابلو دي لايغليسيا، وجود خلافات عميقة بين الجانبين بررت قيام المسؤول الإسباني بهذه الزيارة، على أن مساهل حاول مراراً في لقاء مع الصحافيين وضع الزيارة ضمن نطاق «الزيارات المتبادلة والتشاور المستمر». وقال مساهل إن الجزائر تشدد على موقفها الرافض أي تدخل غربي في أمور الساحل في ظل وجود تنسيق بين هذه الدول، مشيراً إلى اجتماع سيضم قادة الأركان في تمنراست (أقصى جنوبالجزائر) وآخر لمسؤولي الاستخبارات». ولمح إلى أن الجزائر شددت أمام إسبانيا بوصفها دولة أوروبية على «رفض أي تدخل غربي في المنطقة الجنوبية»، وقال: «تحدثنا طويلاً حول الموضوع مع الوزير الإسباني وقلنا إن محاربة الإرهاب من اختصاص الدول المعنية». وقال الوزير الجزائري على مسمع دي لايغليسيا: «هناك إتفاق جرى في آذار (مارس) في الجزائر لإنشاء قيادة عسكرية في تمنراست وحددنا رزنامة للقاءات أجهزة الأمن (المخابرات)». ولمس الوزير الإسباني في أسئلة الصحافيين أن هناك اتهاماً مبطناً لدولته بأنها «دفعت فدية» لتحرير رهينتين كانت «القاعدة» تحتجزهما منذ شهور، فسارع للرد أن «إسبانيا لا تدفع الفدية أبداً لتنظيم إرهابي». وأضاف: «عانينا من الظاهرة (إرهاب «ايتا») وقُتل ألف شخص في تفجيرات التسعينات وجرح ثمانية آلاف، لذلك نحن ندين بكل شدة الأعمال الإرهابية». لكن المسؤول الإسباني عرّج على موضوع آخر وهو عدم مصادقة بلاده بعد على اللائحة التي عرضتها الجزائر أمام الأممالمتحدة لتجريم الفدى، وقال «نحن مع مبادئ لائحة الجزائر... نعم معها تماماً، ندعمها ونساندها في انتظار أن تصبح المبادرة أكثر وضوحاً». وسارع مساهل إلى توضيح الأمور أكثر قائلاً: «دفع الفدية يدخل في تمويل الإرهاب واليوم النشاطات التي تقوم بها التنظيمات الإرهابية وأقصد القاعدة مستمرة لأنها تجد التمويل... نتمنى أن تحذو مدريد حذو بريطانيا والولايات المتحدة (وتقف) مع مشروعنا الذي ندافع عنه منذ أربع سنوات». وأعطى مساهل انطباعاً أن الخلافات المترتبة عن قضايا الأمن في دول مالي والنيجر وموريتانيا، والشكوك في دفع الفدى لتحرير الرهائن، لم تؤثر على التنسيق الأمني بين هذه الدول. وقال: «أخبركم أن الأمور تسير على ما يرام وقريباً يلتقي قادة الأركان في تمنراست لتُسلم الجزائر القيادة الدورية للقيادة العسكرية إلى دولة مالي، وبعد هذا الاجتماع سيحصل لقاء ثانٍ لأجهزة الأمن (الاستخبارات)». وأضاف الوزير الجزائري معلقاً على رغبة دول غربية في التدخل في مهمة مكافحة «القاعدة» في الساحل الصحراوي: «المهمة من اختصاص الأفارقة، والتعاون الدولي الذي نحترمه كثيراً إن تم فإنه لن يتعدى المساعدة بالتدريب أو تقديم تجهيزات تقنية». في غضون ذلك، عبّر المسؤول الإسباني عن دعم بلاده موقف الجزائر من نزاع الصحراء الغربية، وقال: «في ما يتعلق بقضية الصحراء الغربية فإن اسبانيا تشترك في وجهة نظر الجزائر بأنه يجب إيجاد حل للنزاع في إطار عمل الأممالمتحدة الذي يتضمن حق تقرير المصير». ولم يتحدث الوزيران عما إذا كانت الجزائر ستستجيب الدعوة لحضور قمة الإتحاد من أجل المتوسط المرتقبة في إسبانيا قريباً. لكن مصدراً ديبلوماسياً جزائرياً قال إن بلاده تعتبر أن هذا المشروع قد فشل وأنه دخل «غرفة الإنعاش».