على رغم انتهاء الجولة الثانية من المفاوضات المباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين من دون تسجيل اختراق يذكر لحل عقدة الاستيطان، تؤكد مصادر أميركية مطلعة على مجرى المحادثات أن هناك «تفاؤلاً أميركياً حذراً» في النجاح للوصول الى حل، ولو جاء ذلك في اللحظة الأخيرة، خصوصاً بسبب الثقل الذي تضعه وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون في المفاوضات وتفادي الجانب الإسرائيلي إحراجها في هذه المرحلة من العملية. وإذ حملت الجولة الثانية تصريحات متفائلة للمبعوث الأميركي جورج ميتشل بأن الطرفين أحرزا «تقدماً أكثر مما كان متوقعاً»، وأن «جميع القضايا الجوهرية مطروح على الطاولة»، يستبعد مدير فريق العمل لأجل فلسطين زياد عسلي اختراقات ديبلوماسية كبيرة في هذه المرحلة. ويعزو ذلك الى عامل ارتياح الجانب الإسرائيلي ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو الى موقعه السياسي وعدم وجود أوراق كافية لدى الجانب الأميركي للضغط عليه (باستثناء إيران) لنيل تنازلات كبيرة في هذه المرحلة. ويرى عسلي أن الورقة الإيرانية هي الأكثر فاعلية لدى الإدارة الأميركية للضغط على إسرائيل من خلال التعهد بحشر طهران وعزلها دولياً في مقابل إحراز تقدم في عملية السلام، وهو ما لا يتوقع أن يتخمر قبل نهاية عام 2011 مع اقتراب طهران من أن تصبح قوة نووية، وتطلع واشنطن الى إطار اتفاق سلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين. ويتوقع عسلي استكمال جولات المحادثات بين الفريقين التي تفيد الى حد كبير في احتواء الوضع الأمني، لكن مع الحفاظ على التعتيم الإعلامي والاكتفاء بحد أدنى من التوقعات الى حين نهاية العام المقبل، والإعلان عن إطار اتفاق «لا يمثل بالضرورة إنجازاً تاريخياً أو اتفاقاً هامشياً بل في موقع وسط بين المعادلتين». ويمثل تخطي عقدة التمديد الاستيطاني اختباراً مصيرياً للمفاوضات المباشرة باعتبار أن فشل الجانب الأميركي في الوصول الى تنازل يرضي الطرفين قد يعني انهياراً مبكراً للمحادثات، وسيحرج كلينتون التي تضع ثقلها اليوم وراء ملف عملية السلام. وتتوقع مصادر أميركية مطلعة على أجواء المحادثات أن أجواء الوفد التفاوضي الأميركي تعكس «تفاؤلاً حذراً» في الوصول الى تنازل من نتانياهو في شأن الاستيطان ولو جاء بإطار أصغر من التجميد الاستيطاني الساري حالياً. وترجح المصادر تجميداً جزئياً لمدة فترة ثلاثة أشهر، وهو ما يطالب به الجانب الفلسطيني اليوم، وإعطاء نتانياهو ضمانات غير علنية للجانب الفلسطيني يتعهد فيها كبح التوسيع في المستوطنات غير الأساسية والتي ستكون ضمن حدود أي دولة فلسطينية مقبلة. وتشير المصادر الى أن نتانياهو لا يريد في هذه المرحلة من المفاوضات إحراج كلينتون أو عرقلة المفاوضات والجلوس بموقع تحمل اللوم على فشلها. وقد يأتي هذا التنازل في اللحظة الأخيرة كما تشير المصادر، خصوصاً بعد استبعاد إجراء قمة ثلاثية في نيويورك بين أوباما والرئيس محمود عباس ونتانياهو بسبب قرار الأخير التغيب عن اجتماعات الجمعية العامة وإرسال وزير خارجيته أفيغدور ليبرمان.