بدأت قوات نظام الرئيس بشار الأسد أمس عملية عسكرية في الأحياء المحاصرة في حمص وسط البلاد، في وقت واصلت تقدمها في القلمون شمال دمشق. وقتل طفل وأصيب أربعون شخصاً إثر سقوط قذائف هاون على دمشق. وهز انفجار مدينة السويداء معقل الدروز في البلاد. وذكر التلفزيون الحكومي في شريط إخباري عاجل أن «وحدات من الجيش العربي السوري بالتعاون مع (قوات) الدفاع الوطني (الموالية) تحقق نجاحات مهمة في حمص القديمة وتتقدم باتجاهات (أحياء) جورة الشياح والحميدية وباب هود ووادي السايح». وأكد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» وناشطون محاولة الاقتحام والتقدم الذي يترافق مع قصف وغارات واشتباكات عنيفة. وقال مدير «المرصد» رامي عبدالرحمن لوكالة «فرانس برس»: «إن العملية العسكرية بدأت أمس بعد استقدام قوات النظام تعزيزات من جيش الدفاع الوطني». وأفاد عن «قصف كثيف على حمص القديمة وغارات جوية ومحاولة اقتحام من ناحية جورة الشياح تترافق مع اشتباكات عنيفة». وأضاف: «أن القوات النظامية تمكنت من السيطرة على كتل من الأبنية»، لافتاً إلى أن «هذا التقدم لا قيمة عسكرية له بعد». وتحاصر قوات النظام أحياء عدة في مدينة حمص في وسط البلاد، بينها حمص القديمة، منذ حوالى سنتين. وتعاني هذه الأحياء من نقص فادح في المواد الغذائية والأدوية. وتأتي العملية العسكرية بعد هدنة استمرت أسابيع، وتم خلالها إدخال مواد غذائية ومساعدات بموجب اتفاق بين السلطات ومقاتلي المعارضة بإشراف الأممالمتحدة. وتم بموجب هذا الاتفاق إجلاء أكثر من 1400 مدني بين 7 و13 شباط (فبراير) الماضي من الأحياء المحاصرة في حمص، وفق رقم تقريبي يستند خصوصاً إلى ما أعلنته السلطات. وأكد «المرصد» وناشطون أن مئات الناشطين والمقاتلين خرجوا أيضاً في وقت لاحق بموجب تسويات مع السلطات. وقال ناشط يقدم نفسه باسم أبو زياد لا يزال موجوداً داخل حمص الإثنين لوكالة «فرانس برس» عبر الإنترنت، إن هناك حوالى 1200 مقاتل لا يزالون في المدينة و180 مدنياً بينهم ستون ناشطاً. ولا يوجد أي منفذ لهؤلاء إلى خارج المدينة، بالتالي لا يمكنهم الانسحاب إلى مناطق أخرى كما حصل في مدن وبلدات شهدت اقتحامات لقوات النظام بعد إفساح المجال للمقاتلين بالانسحاب. وقال الوفد الذي فاوض النظام على تهدئة في حمص المحاصرة، إن «شهراً مر على خروجنا لبحث إقرار هدنة مع النظام. وعلى رغم التوصل إلى مسودة اتفاق مع ممثلي النظام يوقف نزيف الدماء، ويحافظ على ما تبقى من بنية تحتية في مدينة حمص وذلك خلال ثلاثة اجتماعات مطولة كان آخرها يوم الخميس الماضي، حيث تفرقنا مساء على أمل اللقاء في اليوم التالي في حضور مسؤول أمني لإتمام ما اتفقنا عليه، ووضع آلية لتنفيذ بنود الاتفاقية، إلا أن أملنا لم يزل معلقاً في الهواء». وتساءل في بيان: «ما هو مبرر هذه المواعيد المطاطية؟ وإلى متى تبقى سياسة النظام مرهونة بوشوشات (همسات) شياطين الإنس والجن المتعطشين لفرض الحل الأمني بصرف النظر عما يجره هذا الحل الوحشي على النظام نفسه من انغماس في مستنقع الدماء؟ أليس بينهم رجل رشيد يضع حداً لأوهام وهذيان وجنون الحاقدين المجرمين أعداء الله والحرية والإنسان؟». وزاد: «يجب أن يعلم القاصي والداني أننا أصحاب قضية عادلة لا مساومة عليها ونقول لمن توهم ضعفنا، إن للصبر حدوداً». في دمشق، نقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) عن مصدر في قيادة شرطة دمشق أن «قذيفة هاون سقطت على مدرسة المنار للتعليم الأساسي في باب توما، ما أدى إلى مقتل طفل وإصابة 36 آخرين». وأردف المصدر: «أن قذيفة أخرى سقطت في تجمع مدارس قرب كنيسة مار الياس بالدويلعة، ما أدى إلى إصابة خمسة مواطنين». وشهدت العاصمة السورية أخيراً عودة لسقوط قذائف الهاون على عدد من أحيائها، ما أسفر عن مقتل وجرح العشرات. ومصدر هذه القذائف إجمالاً مواقع لمقاتلي المعارضة في ريف دمشق. وترافق ذلك مع تصعيد القوات النظامية عملياتها العسكرية في ريف دمشق، لا سيما في القلمون ومنطقة الغوطة الشرقية المحاصرة من قوات النظام منذ أشهر. وواصلت القوات النظامية تقدمها في منطقة القلمون الاستراتيجية والحدودية مع لبنان، والتي باتت خاضعة في شكل شبه كامل لسيطرتها بعد استعادة بلدة معلولا ومناطق مجاورة لها أول من أمس. وبعد سيطرة القوات النظامية مدعومة من «حزب الله» اللبناني أمس على بلدة معلولا وعدد من التلال في منطقة القلمون، نقل التلفزيون السوري الرسمي أمس عن مصدر عسكري أن «وحدات من الجيش والقوات المسلحة أعادت الأمن والاستقرار إلى بلدة عسال الورد (القريبة من معلولا) في القلمون بريف دمشق. وتقع عسال الورد على بعد 55 كلم شمال دمشق. وهي ملاصقة لبلدتي الصرخة ومعلولا اللتين استعاد النظام السيطرة عليهما أمس. وأوضح «المرصد» أن القلمون «باتت في شكل شبه كامل تحت سيطرة قوات النظام وحزب الله». إلا أنه أشار إلى استمرار وجود جيوب للمعارضة المسلحة في نقاط محددة في القلمون وقرب الحدود مع لبنان، إضافة إلى نقطة تجمع كبيرة في الزبداني في جنوب القلمون. في حماة وسط البلاد، دارت اشتباكات عنيفة على الجهة الجنوبية لبلدة مورك ووردت «أنباء عن خسائر بشرية في صفوف القوات النظامية»، ترافقت مع قصف القوات النظامية على مناطق في البلدة. وفي جنوب البلاد، «هز انفجار عنيف منطقة شعبة التجنيد خلف الملعب البلدي في مدينة السويداء، حيث أشارت المعلومات الأولية إلى سقوط صاروخ غراد في المنطقة». وأشار «المرصد» إلى إعلان «جبهة النصرة» بدء معركة «الثأر لدماء الشهداء»، رداً على قصف قرى حوران بالطائرات الحربية، والذي قالت إنه أدى إلى مقتل العشرات. وأعلنت عن «البدء باستهداف المربعات الأمنية والمجمعات التشبيحية واللجان الشعبية في محافظة السويداء واستهداف جمارك نصيب وإعلانه منطقة مستهدفة».