أشعلت إحاطة قدمها وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ستيفن أوبراين حول الوضع في سورية سجالاً حاداً بين سفراء روسيا والدول الغربية في مجلس الأمن بعدما اعتبرها السفير الروسي فيتالي تشوركين «منحازة وغير مبنية على وقائع». وردّت السفيرة الأميركية سامنثا باور ونظراؤها الغربيون على تشوركين بحملة قاسية من الخطابات واتهام موسكو بارتكاب «جرائم ضد الإنسانية والتسبب بمقتل آلاف المدنيين وحصارهم ومنع المساعدات من الوصول إليهم، لا سيما في شرق حلب». وكان أوبراين دعا في إحاطته التي قدمها مساء الأربعاء روسيا والحكومة السورية الى وقف ضرباتهما الجوية على شرق حلب. واستخدم أوبراين أسلوباً غير معهود في ذكر أسماء الأطراف المسؤولين عن الانتهاكات، لاسيما روسيا التي يترأس سفيرها الجلسة باعتباره رئيس مجلس الأمن للشهر الحالي. وقال أوبراين إن الغارات على شرق حلب «سببت سقوط العدد الأكبر من الضحايا المدنيين». وكرر أمام المجلس في جلسة علنية كلمة للمفوض الأعلى لحقوق الإنسان قال فيها إن الغارات الروسية والسورية «تشكل جرائم حرب، وإن كانت ترتكب كجزء من منهجية واسعة من الاعتداءات ضد المدنيين فإنها تشكل جريمة ضد الإنسانية». كما انتقد أوبراين عرقلة كل أطراف النزاع وصول المساعدات الطبية الى شرق حلب وإخلاء الجرحى والمرضى منها، ومن بين المعرقلين «تنظيما أحرار الشام ونورالدين زنكي، والحكومة السورية». وقال إن شرق حلب محاصر «من جانب الحكومة السورية، ولم تدخله المساعدات منذ أربعة أشهر». وقرأ أوبراين مناشير قال إنها تلقى من الطائرات الروسية والسورية على شرق حلب تقول «إنها فرصتك الأخيرة، إما أن تغادر أو أنك ستباد». وأضاف أن الأحياء في غرب حلب تتعرض بشكل مستمر للقصف المدفعي ما يؤدي إلى سقوط ضحايا بينهم مدنيون. وشدد أوبراين على ضرورة إعطاء الأممالمتحدة وشركاءها مهلة كافية لإيصال المساعدات وإخلاء المصابين والمرضى، مشيراً الى أن أكثر من 100 ألف طفل «محاصرون في الأقبية» في شرق حلب. ورد تشوركين على كلمة أوبراين بحدة غير معهودة، ودعاه الى «التوقف عن المبالغات والاكتفاء بسرد الحقائق». وقال تشوركين لأوبراين «إن أردت مواصلة التوسع في هذا الوصف فما عليك إلا أن تتركه لرواية تكتبها لاحقاً، وعليك هنا أن تعطي الحقائق وحسب». استنهضت كلمة تشوركين ردوداً غربية أبرزها من السفيرة الأميركية سامنثا باور التي دافعت عن دور الأممالمتحدة، واتهمت روسيا «بارتكاب جرائم ضد الإنسانية». وقالت إن تشوركين يريد من مجلس الأمن «أن يشكر روسيا لأنها أوقفت ارتكاب الجرائم واستخدام القذائف العنقودية». كما قال السفير الفرنسي فرنسوا ديلاتر، إن الأممالمتحدة تحتاج الى من يدافع عنها «في وجه هذا الهجوم» من جانب تشوركين، معتبراً أن روسيا تجاهلت الأممالمتحدة والهيئات الإنسانية وأعلنت الهدنة من جانب واحد «من دون التشاور مع أحد». وقال إن هذه الهدنة «ليست الحل ولا يمكن استخدامها لأغراض إنسانية»، معتبراً أن تشوركين يشبه من «يطلق النار على سيارة الإسعاف» وهو «لا يمكن أن يستمر». وتحدث نائب السفير الصيني مبتدأ بتوجيه «الشكر إلى أوبراين»، في إشارة ملفتة الى أنه لا يؤيد تهجم تشوركين عليه. كما رحب بمبادرة روسيا والحكومة السورية الى إعلان هدنة، داعياً الأطراف الآخرين إلى الانضمام إليها. ودعا جميع الأطراف إلى تطبيق وقف الأعمال القتالية وإيجاد طريق نحو وقف دائم لإطلاق النار، والعودة إلى الحوار السياسي.