القدس المحتلة، جنيف - أ ف ب، رويترز - اتهمت منظمة غير حكومية إسرائيلية أمس الجيش الإسرائيلي بانتهاك القواعد الأخلاقية الطبية وعرقلة إجلاء الجرحى ومهاجمة مستشفيات ومسعفين وتجويع مدنيين علقوا في ميادين القتال خلال حربه على قطاع غزة، فيما طالب خبير من الأممالمتحدة بالتحقيق في «جرائم الحرب» الإسرائيلية في القطاع. وأكدت منظمة «أطباء من أجل حقوق الإنسان» في تقرير أن «الجنود الإسرائيليين انتهكوا خلال القتال في غزة في شكل متكرر القواعد الأخلاقية للجيش والحقوق الإنسانية الأساسية، ما يثير شكوكاً في شأن انتهاكهم القانون الدولي المتعلق بالجرحى وسلامة الفرق الطبية». وقال التقرير إن قوات الاحتلال في كثير من الحالات «لم تسمح بإجلاء مدنيين جرحى علقوا (في ميادين القتال) أياما عدة، وتركت مدنيين من دون طعام أو مياه لفترات طويلة». وأشار إلى أن 16 مسعفاً فلسطينياً قتلوا برصاص إسرائيلي و25 آخرين جرحوا أثناء أداء مهماتهم خلال العدوان، كما هاجم جنود الاحتلال 34 مركزاً طبياً فلسطينياً، هي ثمانية مستشفيات و26 مستوصفاً. وذكرت المنظمة مثالاً قصف مروحية إسرائيلية لطاقم طبي فلسطيني كان يقدم مساعدة لجريح ينزف شمال شرقي القطاع في 31 كانون الأول (ديسمبر) الماضي، ما أدى إلى مقتل الطبيب والمسعف والمصاب. وفي العاشر من كانون الثاني (يناير)، دخلت خمس سيارات إسعاف تابعة للهلال الأحمر الفلسطيني وأخرى تابعة للصليب الأحمر الفلسطيني حي العطاطرة، ففتحت دبابة النيران باتجاههم، ما أدى إلى جرح سائق سيارة إسعاف ومسعف. واضطرت الطواقم إلى العودة أدراجها من دون إجلاء المصابين، بحسب المنظمة التي شددت على أن ذلك «يتناقض مع تعليمات القانون الدولي التي تمنع المس بالمراكز والطواقم الطبية خلال الحرب». وساق أطباء من المنظمة حوادث قالوا إنها «لا تكشف فقط ان الجيش لم يجل العائلات المحاصرة والجرحى، وانما منع أيضاً الفرق الطبية الفلسطينية من الوصول إلى الجرحى». وقال زفي بنتويتش، وهو عضو في مجلس إدارة المنظمة، إن ما حدث هو «انعكاس لما نعتبره أوامر غير واضحة صادرة عن جهات عليا إلى الجندي الذي يحارب في الميدان... الجيش كان يطلق النار من دون تمييز تقريباً على مثل هذه الفرق». وطالبت «أطباء من أجل حقوق الإنسان» بإجراء «تحقيق خارجي محايد في الخروق الإسرائيلية للقوانين الدولية في التعامل مع الطواقم والمراكز الطبية خلال الحرب على غزة». وأكدت أن «هناك حالات عدة تم الاعتداء فيها على الطواقم الطبية» والأمر لا يتعلق بحالات فردية أو استثنائية، داعية إلى تشكيل «لجنة محايدة مستقلة مكونة من خبراء في الطب الشرعي لجمع أدلة اضافية وفحص حجم الظاهرة والتحقيق في الشبهات». وشككت في أهلية الجيش الإسرائيلي للتحقيق في تلك الخروق، وقالت: «حتى اليوم لم تطبق تعهدات الجيش للمحكمة العليا بفحص المس بالطواقم الطبية، وثمة شك في مدى جديته واستعداده للقيام بذلك». ورداً على تقرير المنظمة، قال ناطق باسم قوات الاحتلال إن الجنود تلقوا «تعليمات وأوامر واضحة بالتصرف بأقصى درجات الحذر لعدم التسبب في أي ضرر للطواقم الطبية والمركبات والمرافق الطبية... لكن حركة حماس استخدمت المركبات الطبية والمرافق والزي الرسمي لإخفاء وتمويه النشاط الإرهابي، واستغلت سيارات الإسعاف لنقل الأسلحة وناشطيها ولإنقاذهم من ميدان المعركة». واتهم الحركة «باستخدام المستشفيات والمرافق الطبية مخابئ، مستغلة بذلك الحماية الممنوحة للمؤسسات الطبية، ما أدى في بعض الأحيان إلى إلحاق أضرار ببعض المركبات». وأكد أن «الجيش ما زال بصدد فحص هذه الشكاوى». لكن بنتويتش قال إن المنظمة لم ترصد قط أي حادثة وقعت أثناء العدوان على غزة استخدمت فيها «حماس» أو أي مقاتلين آخرين العربات الطبية لنقل أسلحة. وقال إن اتهامات الجيش «تعكس أساساً اتجاهاً عاماً من المؤسسات الطبية وتجريمها من دون وضع ذلك رهن الاختبار الفعلي أو إخضاعه لفحص دقيق في شكل أكبر». من جهة أخرى، طالب خبير من الاممالمتحدة بفتح تحقيق في العدوان الإسرائيلي على غزة، مشدداً على وجود «أسباب تدفع إلى استنتاج» أنه يشكل «جريمة حرب على نطاق واسع». ودعا المقرر الخاص للأوضاع في الاراضي الفلسطينية ريتشارد فاك في تقرير عرضه أمس على مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، إلى إجراء «تحقيق من جانب خبراء» لتحديد ما إذا كان الإسرائيليون قادرين خلال الهجوم على أن يميزوا بين الأهداف العسكرية والسكان المدنيين. وكتب فاك في تقريره: «إذا لم يكن ذلك ممكناً، فإن الهجوم كان من الأصل غير قانوني ويشكل جريمة حرب على نطاق واسع... وبناء على الأدلة المتوافرة حالياً، هناك أسباب تحمل على هذا الاستنتاج». واعتبر أن «لجوء» إسرائيل «إلى القوة» لوقف إطلاق الصواريخ من الأراضي الفلسطينية لم يكن «مبررا من الناحية القانونية... بما أن هناك بدائل ديبلوماسية متوافرة». واشار إلى أن وقف النار الذي التزم به الجانبان من حزيران (يونيو) وحتى تشرين الثاني (نوفمبر) 2008 شكل «الفترة الاكثر أماناً» لإسرائيل لجهة التهديدات التي يمثلها إطلاق الصواريخ من الاراضي الفلسطينية. وأضاف: «يبدو ان تعليق وقف النار كان أساساً نتيجة خروقات إسرائيلية»، لافتاً إلى أن إسرائيل كانت مسؤولة عن 79 في المئة من حالات خرق وقف النار في الفترة بين العامين 2000 و2008. وكانت إسرائيل رحلت فاك في كانون الأول (ديسمبر) الماضي بعدما اعتقل لفترة وجيزة فور وصوله إليها، احتجاجاً على «انحيازه» للفلسطينيين.