تبدأ اليوم الثلاثاء في شرم الشيخ المصرية جولة ثانية من المفاوضات المباشرة بين الجانين الفلسطيني والاسرائيلي في مناخ متوتر بسبب الخلاف في شأن قضية جوهرية هي الاستيطان الذي ينتهي تجميده من جانب اسرائيل في 26 ايلول/ سبتمبر الجاري. وكانت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون وصلت صباح اليوم الى شرم الشيخ للمشاركة في المفاوضات بين رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو والرئيس الفلسطيني محمود عباس. ويعد هذا اللقاء الاول بين نتانياهو وعباس منذ المحادثات التي اجريت في الثاني من الشهر الجاري في واشنطن حيث اعيد اطلاق المفاوضات المتوقفة منذ الهجوم الاسرائيلي على غزة في كانون الاول/ ديسمبر 2008. ويدخل الرئيس الفلسطيني محمود عباس هذه الجولة الجديدة من المفاوضات متسلحا بموقف موحد من منظمة التحرير الفلسطينية يتمثل في المطالبة بتمديد فترة تجميد الاستيطان التي اعلنتها اسرائيل قبل عشرة اشهر وتنتهي نهاية الشهر الجاري. لكن رئيس الوزراء الاسرائيلي نتنياهو اعلن الاحد انه لن يكون هناك قرار بتمديد تجميد الاستيطان. وقال ان "اسرائيل لن تواصل تجميد الاستيطان ولكنها لن تبني الاف المساكن المخططة". إلا ان القيادة الفلسطينية تراهن على قيام الولاياتالمتحدة باقناع حليفتها اسرائيل بتمديد العمل بتجميد الاستيطان في شكل او آخر لئلا تنهار المفاوضات بعدما رمت واشنطن بثقلها لاستئنافها. وقال مسؤول فلسطيني فضل عدم كشف اسمه لوكالة "فرانس برس" ان "الادارة الاميركية فتحت خطا من المحادثات مع الجانب الاسرائيلي منذ الجولة الاولى في واشنطن التي عقدت في الثاني من هذا الشهر، بهدف التوصل الى صيغة ملائمة لقضية تجميد الاستيطان". وقال مسؤول كبير في منظمة التحرير الفلسطينية يشارك في الوفد المفاوض رفض بدوره الكشف عن هويته ان "الادارة الاميركية تتخوف من عرض هذه الصيغة على الجانب الفلسطيني قبل الغوص في المفاوضات خوفا من رفضها وبالتالي تعثر المفاوضات قبل ان تبدأ في شكل جدي". واضاف "على ما يبدو ان الادارة الاميركية تود عرض صيغة يتم التوصل اليها مع الجانب الاسرائيلي حينما نكون في وسط المفاوضات وليست قبل ان تبدأ، خوفا من انهيارها". من جانبها، اكدت مصادر فلسطينية مطلعة ان "الادارة الاميركية طلبت رسميا من الاتحاد الاوروبي العمل معها لاقناع اسرائيل بالبحث عن صيغة ملائمة للخروج من اشكالية تجميد الاستيطان". وقد دعا الرئيس الاميركي باراك اوباما بنفسه الجمعة الماضي اسرائيل الى تمديد قرار تجميد الاستيطان في الضفة الغربيةالمحتلة، مشيرا الى ان هذا الملف يشكل "واحدة من نقاط الخلاف الاساسية" بين الجانبين. واعلن اوباما عن ابلاغه نتانياهو الاسبوع الماضي في البيت الابيض، انه "ما دامت المحادثات تتقدم في شكل بنّاء، فان الامر يستحق تمديد قرار التجميد". وجددت السلطة الفلسطينية امس الاثنين وقبل ساعات من بدء جولة المفاوضات الجديدة اليوم في شرم الشيخ موقفها من الاستيطان. وقال عضو الوفد المفاوض محمد اشتية لوكالة "فرانس برس" ان "موقفنا واضح وابلغناه قبل قمة شرم الشيخ للادارة الاميركية ان السلام والاستيطان لا يلتقيان". واضاف "سنذهب بقلب مفتوح وعقل مفتوح الى شرم الشيخ لكن اذا قامت اسرائيل بالبدء في الاستيطان فان ذلك يعني عدوانا على عملية السلام وعلى الشعب الفلسطيني". وشدد على "اننا لا نقبل الحديث عن استيطان جزئي او مخفف او بطيء ومطلبنا ابلغناه للادارة الاميركية بالوقف التام للاستيطان". ومازالت الخلافات قائمة حول جدول اعمال محادثات الثلاثاء لذلك يحتمل ان تتركز المناقشات في شرم الشيخ حول تحديده. ويريد نتانياهو ان يناقش اولا قضية التدابير التي ستتخذ في حال قيام دولة فلسطينية لضمان امن اسرائيل ويطالب كذلك بان يعترف الفلسطينيون قبل اي شئ باسرائيل ك"دولة للشعب اليهودي". اما عباس فيرغب في الاتفاق اولا وقبل كل شئ على حدود الدولة الفلسطينية بما ينهي قضية المستوطنات ثم الانتقال بعد ذلك الى بقية قضايا مفاوضات الوضع النهائي وهي القدس واللاجئين والمياه. ومن المقرر ان يجتمع عباس ونتانياهو وكلينتون كل على حدة في شرم الشيخ مع الرئيس المصري حسني مبارك الذي يقوم منذ سنوات بوساطة بين الفلسطينيين واسرائيل، على أن تتواصل المحادثات الاربعاء في القدس حيث تصلها كلينتون مساء الثلاثاء.