طهران، هلسنكي - أ ب، رويترز، أ ف ب - شهد اليوم الأول من اجتماع مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية في فيينا أمس، مواجهة بين المدير العام للوكالة يوكيا أمانو وطهران التي اتهمها الأول بعرقلة عمل المفتشين، وبالتالي تقليص قدرة الوكالة على التحقّق من الطابع السلمي للبرنامج النووي الإيراني. وقال امانو: «علمت بأسف شديد بقرار ايران عدم السماح لمفتشَيْن بدخول أراضيها، علماً انهما أجريا أخيراً عمليات تفتيش في ايران». وأضاف في افتتاح اجتماع مجلس محافظي الوكالة والذي يستمر اسبوعاً: «اعتراض ايران المتكرر على تكليف مفتشين من أصحاب الخبرة في دورة الوقود النووي والمنشآت في إيران، يعوق عملية التفتيش»، مشيراً الى ان «ايران لم توفّر التعاون اللازم للسماح للوكالة بالتأكد من ان كل المواد النووية في ايران، تُستخدم في نشاطات سلمية». ولإيران الحق في اختيار مفتشين، من لائحة رسمية للوكالة الذرية، لكن دولاً غربية ترى في رفض طهران 40 مفتشاً خلال السنوات الأربع الماضية، انتهاكاً لاتفاق الضمانات الموقّع مع الوكالة. واتهمت طهران مفتشَيْن بتقديم «معلومات مغلوطة» عن برنامجها النووي، ومنعتهما من دخول اراضيها في حزيران (يونيو) الماضي. لكن أمانو أكد «ثقته التامة بمهنية المفتشيْن المعنيين وحياديّتهما»، مشيراً الى ان «كلاً منهما خبير في دورة الوقود النووي، ولديه تجربة طويلة في إيران». وحضّ امانو ايران على سحب اعتراضها على 38 مفتشاً، اذ ترفض قبول مفتشين من الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن (الولاياتالمتحدة وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا)، وهي دول نووية يمتلك مفتشوها خبرة في البحوث الذرية، تحتاجها الوكالة ولا يمكنها توفيرها لمفتيشها من خلال التدريب. كما منعت ايران دخول مفتشين من ألمانيا. وشرح أمانو ان المشكلة «لا تتعلق بعدد المفتشين، بل بالنوعية والخبرة». لكن المندوب الإيراني لدى الوكالة علي أصغر سلطانية أعلن «رفضه القاطع» تصريحات أمانو حول إعاقة عمل المفتشين، مؤكداً ان إيران تمارس حقاً لها. ووصف كلام أمانو في هذا الشأن بأنه «سخيف»، مذكراً أن للوكالة «أكثر من 150 مفتشاً» يمكنها الاختيار من بينهم. واعتبر سلطانية تقرير أمانو حول البرنامج النووي الإيراني، «غير متوازن ومضللاً وجاء بفعل ضغوط خارجية». وسلّمت ايران الوكالة الذرية رسالة احتجاج على التقرير، اعتبرت ان الوكالة «أقحمت نفسها في الألاعيب السياسية لبعض الدول». ويأتي النزاع حول المفتشين، في وقت حساس بعد استقالة الفنلندي اولي هاينونن، رئيس قسم التفتيش وأبرز خبراء الوكالة في شؤون البرنامج النووي الإيراني. وأبلغ أمانو رسمياً أعضاء مجلس محافظي الوكالة قراره تعيين نائب هاينونن، الخبير النووي البلجيكي هيرمان ناكرتس (59 سنة)، رئيساً لقسم التفتيش خلفاً للفنلندي. ويُعتبر ناكرتس خبيراً بارزاً في الشأن الإيراني. في الوقت ذاته، أعلن أمانو أن الوكالة «تقوّم» معلومات ل «مجاهدين خلق» أبرز تنظيم معارض للنظام الإيراني في الخارج، تفيد بأن طهران توشك على استكمال بناء منشأة سرية جديدة لتخصيب اليورانيوم. أما المندوب الأميركي لدى الوكالة غلين ديفيس فاعتبر ان تقرير أمانو «يشكل أوضح دليل على ان ايران ترفض الإجابة على مخاوف الانتشار النووي للمجتمع الدولي، وأنها تبدو مصممة على امتلاك قدرات تسلح نووي». سورية وإسرائيل من جهة أخرى، اتهم أمانو سورية بعدم التعاون مع الوكالة في ما يتعلق ب «المسائل العالقة حول موقع دير الزور» الذي قصفته مقاتلات اسرائيلية العام 2007، للاشتباه في كونه منشأة نووية قيد الإنشاء. ومن المقرر ان يناقش مجلس محافظي الوكالة، تقريراً أعده أمانو حول «القدرات النووية لإسرائيل»، وسط سعي عربي وإسلامي حثيث الى جعل الشرق الأوسط منطقة منزوعة السلاح النووي. وأشار أمانو إلى «نقصاً في الوضوح في شكل عام لدى دول أعضاء، حول جوهر وشكل اتفاق يستهدف إقامة منطقة خالية من السلاح النووي في الشرق الأوسط»، لافتاً الى دعوته تل أبيب الى «التفكير» في التوقيع على معاهدة حظر الانتشار النووي، وإخضاع منشآتها النووية للرقابة. على صعيد آخر، أعلن حسين علي زادة الرجل الثاني في السفارة الإيرانية في هلسنكي، انه سيطلب اللجوء السياسي في فنلندا، بعدما أصبح الديبلوماسي الإيراني الثاني في أوروبا الذي يستقيل من منصبه، وينضم الى المعارضة. وقال معارضون ايرانيون في هلسنكي ان الملحق الصحافي في السفارة الايرانية في بروكسيل فرزاد فرهانجيان غادر مقر عمله وسافر الى اوسلو من دون ابلاغ المسؤولين في السفارة. واكد الديبلوماسي السابق في النروج محمد رضا حيدري انشقاق فرهانجيان. وفي فرانكفورت، قالت امس مجموعة «لينده» الالمانية، ثاني أكبر منتج للغازات الصناعية في العالم، انها ستعلق جميع عملياتها في ايران نتيجة التطورات السياسية في هذا البلد.