يظهر حضور التقنية في عيد الفطر لهذا العام قوياً وبارزاً بشكل يفوق الأعوام السابقة، إذ أسهمت بشكل فعّال في إمكان تبادل التهاني والتبريكات بمناسبة حلول العيد، بطريقة لا تكلّف الكثير مادياً، فمع وجود جهازي «البلاك بيري» و«الآي فون» وما يحويانهما من خدمات، بات الجميع قادراً على معايدة عدد غير محدد من الناس، ومن مختلف دول العالم في وقت واحد وبقيمة مدفوعة مسبقاً، الأمر الذي أوجد الاقتصاد المادي بعد أن تعارف الناس على استخدام الاتصال أو الرسائل القصيرة للمعايدة، ولكل اتصال أو رسالة قيّمة محددة. وينقسم الناس حول هذه التقنية بين التأييد والمعارضة، إذ تجد فئة منهم أنها تسهم بقوّة في تعزيز التواصل بين الناس، سواء القريبين منهم أو البعيدين، وإيجاد التقارب في ما بينهم، واختصار المسافات وتقليصها، إضافة إلى كونهم يرونها توظيفاً لها بالإيجاب، في الوقت الذي تقف فيه فئة أخرى على النقيض منهم تماماً، إذ تجد أن الاعتماد عليها من شأنه أن يخلق شيئاً من التباعد بين الأقارب والمعارف، حتى وإن كانوا في مكان جغرافي واحد، وبالتالي يضعف التواصل الاجتماعي بينهم ويقلّ، ويصبح مقتصراً على التواصل التقني فقط. ويعتبر عبدالعزيز العلي أن استخدام «البلاك بيري» و«الآي فون» لتقديم التهاني بمناسبة العيد أحد الاستخدامات الجيّدة للتقنية، ونوع من الاستفادة مما تتيحه للناس، مشيراً إلى أنه لا يجب الوقوف أمامها ورفضها، نظراً لكونها أثبتت قدرتها في تعزيز الترابط الاجتماعي بشكل قد يكون غير ظاهر في أعوام مضت. ويقول: «من الخطأ أن نرفض كل جديد، فكل تقنية لها محاسنها ومساوئها، لذا علينا استخدامها بما يليق، والاستفادة منها لتحقيق ما نريده من تواصل اجتماعي وغيره، فتقنية كهذه أجدها مختصرة للوقت والجهد، ففي العام الماضي والذي سبقه، نضطر إلى الزيارات أو الاتصال هاتفياً بالكثير من الأشخاص، وقد لا يسع الوقت لتهنئتهم جميعهم، والآن برسالة واحدة يمكنني تهنئة عدد وقدره من الناس الذين يتواجدون لدي في قائمة البلاك بيري، حتى وإن كان بعضهم من خارج البلد». وتشاركه شوق العمري الرأي التي كانت تعاني من صعوبة التواصل بينها وبين صديقاتها ومعارفها، بيدَ أن ظهور تقنية «البلاك بيري» و«الآي فون» مكّنها من التواصل مع معظمهم. وتضيف: «ظهور هذه التقنية ساعدني في الإيفاء بحقوق أقاربي وصديقاتي عليّ، بتواصلي معهم وتقديم التهاني لهم، سواء في مناسبة العيد أو غيرها، وأجد نفسي بها الآن مرتبطة بتواصل قويّ مع الكثير منهم، بعد أن كان يصعب عليّ سابقاً التواصل معهم، وما يميّز هذا النوع من التواصل أنه لا يكلفني الكثير مادياً». بينما يرى أبو أحمد أن هذه التنقية يمكن استخدامها في أيام السنة الأخرى، لكن ليس لمناسبات العيد وغيره من المناسبات المهمّة، معتبراً أن مثل هذه المناسبات لها عُرفها الذي يجب ألا توقفه التقنية، وتقاليدها التي يفترض أن تكون ثابتة، والمتمثّل في القيام بالزيارات أو الاتصال على الأقلّ. ويضيف: «أعتقد أن هذه المناسبة أكبر من أن تتم التهنئة بها عن طريق رسالة معمّمة لعدد كبير من الناس، من دون تخصيص أحد بعينه، إذ أجده أسلوباً بعيداً عن الجديّة ولا يتناسب مع أهمية المناسبة، ولا يتواءم مع مكانة الكثير من الأفراد، فأنا لست ضد التقنية، لكنني لا أجد أن هذا مكانها، إذ يُمكن استخدامها في مواضع أخرى أقل أهمية من ذلك». فيصل يشارك أسرته العيد ب«الماسنجر» أبى المبتعث إلى ولاية أوهايو في أميركا فيصل الأحمد إلا أن يشارك أسرته هذا العيد، الذي يعدّ الأول له وهو بعيد عنهم، إذ اتفق مع أفراد أسرته على أن تكون مشاركته خلال التجمّع الأسري في صباح يوم العيد ومسائه عبر خدمة «الماسنجر»، من خلال استخدام الكاميرا التي تتيحها، وبالتالي تقديم التهاني وتلقّيها من خلال شاشة الحاسوب. يقول أبو فيصل: «أشعر بأن فيصل مبتعد عنا جسدياً فقط، كونه يتواجد في مكان يبعد عنا كثيراً، لكنه الآن بيننا ويعايشنا الفرحة ويشاركنا التواجد، وكأنه بيننا تماماً في كل عام، فهو يستقبل الضيوف المهنئين معنا، ويتبادل معهم التهاني والتبريكات بشكل مباشر، بل إنه يظهر بلباس العيد كعادته السنوية، وذلك عبر هذه الخدمة التي أسهمت في عدم افتقادنا له كثيراً، وبالفعل أجد أن للتقنية إسهامها الكبير في تقريب التواصل وتعزيزه، ويظهر ذلك واضحاً من خلال مشاركة ابننا لنا في هذه المناسبة التي لم نعتد فيها على تغيّبه».