على خلاف الأعوام السابقة، رافقت إحياء الذكرى التاسعة لاعتداءات 11 أيلول (سبتمبر) 2001، علامات تشنج بين بعض فئات المجتمع الأميركي، على خلفية الجدل المثار حول خطة احدى الكنائس المغمورة إحراق مصاحف على رغم الغائها، وحول مشروع بناء مسجد قرب موقع برجي مركز التجارة العالمي «غراوند زيرو». ودعا الرئيس باراك أوباما الأميركيين في الذكرى، الى تجنّب «الحقد» والانقسام»، واصفاً المعتدين من تنظيم «القاعدة» ب «الفرقة البائسة» التي حاولت النيل من القيم الأميركية، ومشدداً على أن الولاياتالمتحدة «لن تكون أبداً في حرب مع المسلمين». أما حركة «طالبان» فأكدت أن الولاياتالمتحدة خسرت كل فرصة لإحلال السلام في أفغانستان «بعد 9 سنوات على 11 أيلول، وبعدما جربت الحلول العسكرية الممكنة»، معتبرة انه لم يعد لديها حلّ آخر سوى الانسحاب غير المشروط. وعلى أصوات الأجراس المتقطعة في ولايات نيويورك وبنسلفانيا والى جانب مبنى وزارة الدفاع (البنتاغون)، حيث قُتل حوالى 3 آلاف شخص بسبب هجمات الثلثاء الأسود، أحيت الولاياتالمتحدة الذكرى التاسعة للاعتداءات، بمشاركة مدنية وروحية وسياسية واسعة في مختلف الولايات. وأكد أوباما في خطاب ألقاه في البنتاعون، وأمام حشد من عائلات الضحايا والقيادات العسكرية، أن «الولاياتالمتحدة ليست ولن تكون أبداً في حرب ضد الإسلام، ويمكن لمرتكبي الاعتداءات التي روّعت الولاياتالمتحدة قبل تسع سنوات، أن يحاولوا بثّ الفرقة بيننا، لكننا لن نرضخ لحقدهم ولأحكامهم المسبقة». وزاد: «يمكنهم حتماً أن يحاولوا إثارة نزاعات بين معتقداتنا، لكن بصفتنا أميركيين لسنا في حرب مع الإسلام ولن نكون أبداً. من هاجمنا في ذلك اليوم من أيلول لم يكن ديناً، بل القاعدة، عصابة يرثى لها من الرجال الذين حرّفوا الدين». وأضاف أوباما: «وكما ندين عدم التسامح والتطرف في الخارج، نحترم جوهرنا بوصفنا بلد التنوع والتسامح»، في وقت بدت علامات التشنج واضحة على مراسم التكريم في نيويورك، وحيث عبّر بعض أهالي الضحايا عن رفضهم المطلق لتشييد مسجد قرطبة قرب «غراوند زيرو»، فيما سارت تظاهرتان مسالمتان في نيويورك، واحدة مؤيدة لبناء المسجد والثانية معارضة له. وشمل إحياء الذكرى، مشاركة نائب الرئيس جوزف بايدن في مراسم نيويورك حيث تُليت أسماء 2751 شخصاً قُتلوا في الهجمات. وفي مدينة شانكسفيل بولاية بنسلفانيا حيث سقطت الطائرة الثالثة، شاركت في الذكرى السيدة الأولى ميشيل أوباما ولورا زوجة الرئيس السابق جورج بوش الابن. وأعلنت واشنطن «11 أيلول»، يوماً للخدمة العامة شهد مشاركة آلاف الأميركيين في تنظيف الحدائق ومساعدة المحتاجين. إلى ذلك، حملت الذكرى مخاوف هذه السنة لدى الأقلية المسلمة في الولاياتالمتحدة، والتي تحاشت الاحتفالات الكبيرة في عيد الفطر، إحتراماً لذكرى الضحايا وعلى خلفية موجة التصعيد ضدها من القس المتطرف تيري جونز الذي أعلن أمس إلغاء مشروعه بحرق مصاحف. وقال لشبكة «ان بي سي» التلفزيونية ان كنيسته لن تحرق «أبداً» المصحف، مشيراً الى «أننا قطعاً لن نحرق القرآن، كلا. لا اليوم ولا أبداً». وكان جونز توجه الى نيويورك حيث يأمل أن يلتقي الإمام فيصل عبد الرؤوف القيّم على بناء مسجد قرطبة. لكنه قال ان اللقاء لم يحصل بينه وبين الإمام الذي نفى أن يكون أعطى أي وعد بنقل مكان بناء المسجد، أو بلقاء جونز الذي لا يزيد عدد أتباع كنيسته على 50 شخصاً. ووصفت ايما ابنة جونز كنيسة والدها بأنها نهج يُرغم على الطاعة من خلال «العنف العقلي» ويهدد بعقاب الله. وكشفت إنه تجاهل رسائلها عبر البريد الإلكتروني التي حضته فيها على عدم حرق المصحف. وقالت للموقع الالكتروني لمجلة «در شبيغل» الالمانية: «أعتقد أنه أصبح مجنوناً». في غضون ذلك (أ ف ب)، جاء في بيان ل «طالبان» حمل توقيع «إمارة أفغانستان الإسلامية»، وصدر في قندهار انه «لا يحق للولايات المتحدة فرض شروط أو شروط مسبقة لانسحابها من أفغانستان، لأنها اجتاحت البلاد واحتلتها بطريقة غير شرعية من جهة، ولانها هُزمت من جهة ثانية». واضاف البيان: «بدل أن يختار الأميركيون حلاً منطقياً بالانسحاب، يواصلون الإصرار على تطبيق خطط تغذي الاضطراب السياسي والاقتصادي والأمني في أفغانستان والمنطقة، وحتى أميركا نفسها». وخلص البيان إلى «أن تكون أميركياً بات خطراً لكل شخص في العالم. وانتزع ذلك من الأمة الاميركية نعمة العيش حياة هانئة في بلادها. وباتت منازلهم ومدنهم ومكاتبهم ومطاراتهم وقواعدهم العسكرية، ساحات قتال لهم. ولم يعد في وسعهم الشعور بالأمان في أي مكان. باتوا غزاة في نظر العالم».