كعادتها السنوية تأتي مبادرات أمانة مدينة الرياض في العيد مبهجة وذات روح ترفيهية إنسانية، والأهم أنها أيضاً مجانية، إذ يتاح الفرح للجميع مهما اختلفت قدراتهم وإمكاناتهم المالية والعملية. المسرح الغائب عن حياتنا العامة، أصبحت الأمانة من داعميه ومسانديه، وفي ذلك - إضافةً إلى البعد الترفيهي - بعدٌ ثقافي غاب عنا لفترة من الزمن لأسباب لا يجهلها الجميع، وللإنصاف فقد قرأت أن مدينة الأحساء ستشهد ثلاث مسرحيات للأطفال في العيد، وهذه أيضاً مبادرة أخرى من مدينة النخيل والثقافة والطيبة، ولعل مبادرات أخرى في مدن أخرى تأتي تباعاً. الترفيه مدفوع القيمة لا يمكن اعتباره جهداً حكومياً، وبعض المدن السياحية الكبيرة والصغيرة غائبة عن مشهد مشاركة الناس أعيادهم بمهرجانات ومسرحيات وفعاليات، معتمدة على وجود منشآت ترفيهية كبيرة، لكنها تتناسى أن الفرح والبهجة هناك سيكون حكراً على القادرين مادياً والقادرين على التنقل، وهما أمران لا يتأتيان للجميع. مدن أخرى تعتمد إقامة السرادق، وتنظيم وليمة لأهل المدينة أو القرية، وهو تقليد جميل لكنه لم يعد مغرياً، وغالب هذه الولائم هي فعالية رجالية، ربما تكون أهم ميزاتها أنها تضم الجاليات من الأشقاء والأصدقاء الذين يشاركون هذه الفرحة. لا أبخس أيضاً حق بعض الاحتفالات التي تقيم الفنون الشعبية لمناطقنا، وتسمح بتقديم فنون من دول أخرى وشعوب مختلفة فهي كانت، وستظل، أو سيظل ما بقي منها حراكاً إنسانياً في مناسبة فرح. أمانة الرياض تقدم النموذج قدر جهدها ومالها، وما تنظمه من مسرحيات عائلية أو نسائية يواجه ازدحاماً شديداً لا يمكن حله إلا بزيادة الفعاليات والمسرحيات، ودخول جهات أخرى للدعم ويمكنها الاستفادة من خبرة الأمانة أو الحصول على دعم لوجستي لها. أيضاً لنضوج التجربة المسرحية ينبغي زيادة هذا المنشط الثقافي الترفيهي في غير أوقات الأعياد والإجازات، لتتكون الصناعة وتكثر المنافسة التي سيولدها طلب كبير أعرف أنه كامن وينتظر فقط وجود عرض مناسب، ومثلما نجحت الدراما التلفزيوينة في زيادة الإنتاج لتلبية الطلب الرمضاني مثلاً بغض النظر عن المستوى والمحتوى، ونجحت في استقطاب وجوه جديدة، لوجود الطلب، يمكن للمسرح، وفي مرحلة تالية السينما أن يفعلا المثل، ثم ستكون الغربلة من الجمهور والسوق هي الفيصل، إذ لن ينجح ويحقق الشهرة والمال، وبالتالي القدرة على الاستمرار سوى الأفضل. الذائقة السعودية تتطور، وازدياد السكان وتعدد ثقافاتهم، يخلق طلباً لكل أنواع الترفيه، ولا يمكن أن تلبي أمانة الرياض وحدها هذا الطلب المتزايد، ولا يمكننا أن نكون فقط مستهلكين لإنتاج ثقافي ترفيهي في دول الجوار لأننا بقينا في أسر أفكار أو مخاوف انتهت، ولم يدرك البعض ذلك، أو أخشى أنه لا يريد البوح به. [email protected]