انعقدت وسط إجراءات أمنية مشددة، في طرابلس امس، جلسة لمحاكمة عدد من رموز نظام العقيد معمر القذافي، مثل فيها 23 متهماً، باستثناء نجليه سيف الإسلام والساعدي، إضافة إلى 11 آخرين. وعزت مصادر قضائية غياب المتهمين لأسباب مختلفة، أهمها تعثر مثول بعض المحتجزين خارج طرابلس، عبر الدائرة التلفزيونية المغلقة، وسط دواع أمنية تحول دون نقلهم إلى مقر المحكمة. وقرر القاضي بعد نحو نصف ساعة من بدء الجلسة، تأجيل المحاكمة إلى 27 الشهر الجاري، ريثما يتسنى إشراك سائر المتهمين في وقائعها. ومن بين أبرز الذين مثلوا أمام المحكمة أمس: البغدادي المحمودي، آخر رئيس وزراء في عهد القذافي، ومحمد بلقاسم الزوي (أمين مؤتمر الشعب العام – البرلمان سابقاً) وعبد العاطي العبيدي (وزير الخارجية)، وعبد الحفيظ الزليطني (وزير المال)، وعبد الله السنوسي (مدير الاستخبارات وصهر القذافي)، وأبو زيد عمر دوردة (رئيس جهاز الاستخبارات الخارجية)، ومحمد أحمد الشريف (أمين جمعية الدعوة الإسلامية). أما أبرز الغائبين، فكان سيف، المحتجز لدى الزنتان (غرب)، والساعدي، الذي أكد النائب العام عبد القادر رضوان عدم استكمال التحقيقات معه، إضافة إلى منصور ضو، آخِر وزير للأمن الداخلي في النظام السابق. كذلك لم يتمكن أهالي المتهمين من حضور الجلسة، كما قال ل «الحياة» عبد الله دوردة شقيق أبو زيد دوردة، فيما أبلغ «الحياة» المستشار الصديق الصور، رئيس التحقيقات في مكتب النائب العام وممثل الادعاء في هذه القضية، أن «الجلسة كانت علنية، ولم تصدر أي تعليمات بمنع الحضور»، لكنه لم يستبعد أن تكون لدى المكلفين بالأمن أسبابهم. وأشار الصور في تصريحه ل «الحياة» إلى «أسباب فنية تمثلت في تعثر استكمال ربط قاعة محكمة جنوبطرابلس، بالدائرة المغلقة مع محكمة الزنتان التي كان مقرراً أن يمثل أمامها سيف القذافي، ومحكمة مصراتة التي تحاكم منصور ضو وغيره من رموز القذافي الآخرين». وأضاف الصور أن عدم حضور المتهمين إلى محكمة طرابلس ومثولهم عبر الدائرة التلفزيونية المغلقة، إجازته المادة 243 من القانون رقم 4 لعام 2014، كونها لحظت «مراعاة الظروف الأمنية» التي تحول دون حضور معتقلين خارج العاصمة. ولم يحضر الجلسة، رئيس فريق الدفاع المحامي علي الصبع الذي أبلغ «الحياة» أن اعتداء بالرصاص أقعده بعد إصابته في إحدى قدميه خلال هجوم تعرض له مطلع الأسبوع الماضي، بهدف «السطو على سيارته». وتمثل أبرز التهم التي وجهت إلى المتهمين في محاولة قمع ثورة 17 فبراير (2011) وممارسة الإبادة الجماعية والتحريض على الاغتصاب وإصدار أوامر بإطلاق النار على المتظاهرين وجلب المرتزقة وإثارة الفتن وحشد الجحافل وتشكيل ميليشيات مسلحة والنهب والتخريب، إضافة إلى إلحاق أضرار جسيمة بالمال العام الذي عهدت به الدولة اليهم. ورأت مصادر قضائية أن تأجيل المحاكمة سيتيح للمحامين الاطلاع على وثائق الاتهام التي شكوا من حجبها عنهم، الأمر الذي نفاه مكتب النائب العام، مشيراً إلى منع المحامين من تصوير بعض الوثائق «الحساسة» قبل عرضها أمام المحكمة.