كل عام وانتم بخير، وبناء على اقتراح وردني يجب أن نقول، كل سنة وأنتم بخير، والفرق مبحث لغوي طويل، واختصاراً عيد سعيد، أعاده الله على الجميع بالسعادة والحب والصحة الوفيرة. شهد شهر رمضان امتعاضاً شعبياً ترجمه كتّاب الرأي حول غلاء أسعار الفنادق والشقق جوار الحرم المكي الشريف، التي وصلت إلى أرقام فلكية بحسب الروايات، التي أشك في بعضها من تجربة ميدانية، أثناء أداء العمرة. السكن بجور الحرم مباشرة، وفي منشأة من فئة الخمسة نجوم أو أكثر، لا بد أن يكون مكلفاً، مكلفاً جداً، لأسباب عدة أهمها ارتفاع قيمة سعر الأرض، إذ إنها إحدى أثمن البقع في العالم لجهة أسعار العقارات، والأمر الثاني أن حجم الطلب في موسم رمضان، والعشر الأواخر تحديداً مرتفع جداً. البعض يعرف أسعار الفنادق والشقق في مواقع الجذب العالمية، في شارع الشانزلزيه في باريس، وعلى سواحل ماربيا ونيس، وفي جادات نيويورك التجارية، ووسط طوكيو، وحول الفاتيكان، ومع اختلاف طبيعة المكان، ومقاصد الزيارة، إلا أن المفهوم الاقتصادي واحد. لماذا نتفهم غلاء الأماكن السياحية الراقية حول العالم، ونعتبرها أماكن النخبة والقادرين، ونجد المبرر الاقتصادي لها ولهم، ولا نستطيع تفهمه في أقدس بقعة تهوي لها أفئدة الناس من كل أنحاء الأرض وفيهم القادر على دفع قيمة المكان الفاخر القريب الملاصق للحرم . معظمنا يعرف أن الغرفة الفندقية المطلة على البحر، أو النهر، أو على منظر بانورامي طبيعي خلاب يرفع ثمنها عن الغرفة المقابلة لها التي تطل على المدينة، الأمر نفسه ينطبق على غرفة أو شقة لها إطلالة على الحرم أو على الكعبة المشرفة، ما هي قيمة تلك المناظر قياساً لهذا المنظر في هذا الشهر . الكثيرون يتجهون الى مكة ويسكنون بأسعار معقولة، يسكنون في العزيزية، محبس الجن، وغيرها، ويتجهون الى الحرم الذي يفصلهم عنه أنفاق تخترق الجبال بعشرة أو عشرين ريالاً، والأسعار هناك معقولة قياساً للموسم والطلب. الفكرة أن القرب الشديد من الحرم له ثمنه، فالمساحات ضيقة، ومحدودة، وأصحاب المنشآت هناك استثمروا بلايين الريالات، ولا بد أن يحققوا عائداً على هذا الاستثمار. ما يؤكد ما ذهبت إليه انتشار إعلانات في الصحف عن أسعار منافسة للفنادق والشقق، ولا يمكننا أن نعمم حكماً من شكاوى متفرقة لمن يريد أن يسكن بجوار الحرم بسعر السكن في وسط أي مدينة عادية في وقت غير مميز. الحديث ليس دفاعاً عن المستثمرين والأثرياء بقدر ما هو مقاربة للوضع من وجهة نظر اقتصادية بحتة، فالاقتصاد هو أحد أسباب إقامة الصرح العملاق وقف الملك عبدالعزيز للحرمين الشريفين الذي سيكون ريعه للحرم، تذكروا حجم الاستثمار فيه، واعلموا أن عائده كما يجب أن يكون سيخصص لخدمة الإسلام والمسلمين. [email protected]