كشف رئيس مؤسسة النقد العربي السعودي الدكتور محمد الجاسر تراجع مخصصات خسائر القروض المتعثرة في البنوك على نحو كبير من 200 في المئة عام 2005، إلى 153 في المئة العام الماضي، ما يؤكد دور المؤسسة الرقابي لمواجهة تقلبات دورة الائتمان والعناصر الاحترازية الكلية، على رغم تشجيعها البنوك على زيادة مخصصات القروض خلال فترة التوسع الاقتصادي من عام 2001 إلى 2008. وقال الجاسر الذي كان يتحدث خلال ندوة «إدارة مخاطر المصارف في بيئة متغيرة» التي نظمها المعهد المصرفي بالتعاون مع مؤسسة التمويل الدولية أس في الرياض: «إن مؤسسة النقد العربي السعودي تتولى مسؤولية الرقابة المصرفية والرقابة على شركات التأمين، ودعت منذ وقت طويل كبرى البنوك العالمية إلى العمل في المملكة، للاستفادة من خبرتها في إدارة المخاطر، إضافة الى الإسراع في إدخال أفضل معايير إدارة المخاطر الصادرة من جميع الجهات». وأضاف: «قامت جميع البنوك السعودية بتنفيذ كل توصيات إدارة المخاطر الصادرة عن لجنة بازل، وهي معيار بازل 1، ومعيار بازل 2، ومبادئ بازل الأساسية وغيرها من الاقتراحات». وبين أنه «في عام 2005 اعتمدت المؤسسة نهج الرقابة على أساس المخاطر التي نقوم من خلالها بتقويم مستمر لمخاطر الائتمان والسوق والمخاطر التشغيلية التي قد تتعرض لها البنوك، مؤكداً أن عمل الرقابة الميدانية والمكتبية الذي تمارسه المؤسسة يضمن التزام المصارف الكامل بالمعايير الدولية. وشدد الجاسر على أن جميع البنوك السعودية تقوم بتقديم تقارير تقويم المخاطر المهمة الخاصة بها ومتطلبات رأس المال على أساس توقعات المستقبل، وتشمل المخاطر المقوّمة مخاطر الدعامة الأولى (المخاطر الائتمانية، والسوقية، والتشغيلية)، ومخاطر الدعامة الثانية (السيولة وسعر الفائدة)، والمخاطر الاستراتيجية، والسمعة والقروض وغيرها، لافتاً إلى أن المؤسسة تعمل على تشجيع البنوك على تحسين أنظمتها الداخلية لتقويم المخاطر. وأوضح أن المؤسسة شجعت المصارف السعودية على استحداث منصب كبير مسؤولي المخاطر بهدف الاطمئنان الى تركيز البنوك على المخاطر الكامنة في كل جوانب أعمالها وقراراتها التشغيلية، مؤكداً أن الأزمة المالية العالمية أظهرت عوامل مخاطرة أخرى يجب معالجتها والاهتمام بها، مثل المحاسبة والتدقيق والحوافز المالية، خصوصاً أن المخاطر لن تزول نهائياً بل ستتطور وتظل تشكل تحدياً مهماً. ولفت الجاسر إلى أن الدراسات العالمية أوضحت أن الأسباب التي كانت وراء الأزمة العالمية ترجع الى عاملين، الأول يتعلق بالحكومات التي لديها ضعف في التنظيم والإشراف، والثاني يعود الى المؤسسات المالية وضعفها الاحترازي، إذ تعرضت البنوك الى الانكماش المفرط في القروض، اذ قدمت قروضاً ضخمة للمؤسسات والشركات المالية غير الخاضعة للإشراف والرقابة، اضافة الى فشل أنظمة المحاسبة وادارة المخاطر داخل المصارف تحت ضغط برامج المكافآت المشوهة التي تركز على الارباح قصيرة الأجل، ما نتج عن ذلك مشكلة قروض الرهن العقاري، وبالتالي انهيار النظام المصرفي بالكامل. وبين ان مختلف الجهات التنظيمية بدأت في تطبيق منهجية احترازية على مستوى الاقتصاد الكلي لتحديد مشكلات النظام المالي، من خلال منهجية اكثر شمولية وتكاملاً في تحديد وإدارة المخاطر، مشيراً الى ضرورة انشاء ادارة مخاطر شاملة للتعامل مع مختلف المخاطر المتعلقة بالعمل المصرفي. من جهته، أكد المدير العام للمعهد المصرفي جمعان الوقداني أن المصارف تواجه العديد من المخاطر النظامية التي قد لا تستطيع التحكم فيها، ولكن يمكنها التعامل معها والحد من آثارها، إضافة إلى المخاطر غير النظامية التي تتعلق بطريقة عمل أي مصرف والتي يمكن تجنبها من خلال وضع السياسات والضوابط الملائمة، وتحسين أنظمة الرقابة والالتزام بأسس الحوكمة الرشيدة. وأشار في كلمته إلى أن هذه الندوة ستتناول آخر المستجدات والتطورات في قطاع الخدمات المالية وأنواع المخاطر في ظل التطورات التي يشهدها القطاع المصرفي، موضحاً ان المعهد المصرفي قام بتقديم برامج ودورات متخصصة في فروع إدارة مخاطر المصارف، شارك فيها أكثر من 350 متدرباً ومتدربة.