وضع وزير الخارجية الإسرائيلية أفيغدور ليبرمان حداً لأجواء التفاؤل التي يبثها رئيس حكومته بنيامين نتانياهو بشأن احتمالات التوصل إلى تسوية دائمة للصراع الإسرائيلي الفلسطيني "في غضون عام"، واعتبرها "أوهاماً عبثية" مستبعداً التوصل إلى تسوية كهذه "لا في هذا الجيل ولا في الجيل المقبل". واعتبر ليبرمان، في حديث للإذاعة العسكرية صباح اليوم "التوقعات من الاتصالات مبالغاً فيها وخطيرة". وقال إن استئناف المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين هو "عملية مبكرة جداً، والولادة المبكرة تعرض أيضاً الأم وأيضاً الجنين إلى الخطر..ولذا فإن أية محاولة لتنشيط العملية السياسية في شكل اصطناعي ستعرّض الطرفين إلى الخطر". وتابع، في غمز من قناة رئيس حكومته، انه "ينبغي على السياسيين أن يتحلوا بالمسؤولية من دون أوهام، والآن نحن نخلق توقعات وفي حال لم تتحقق سيتهمنا العالم بذلك.. علينا خفض التوقعات إلى مستوى حقيقي وعملي. والشيء الواقعي الوحيد الذي يمكننا تحصيله الآن هو تسوية مرحلية طويلة الأمد". وكرر ما قاله أمام ناشطي حزبه "إسرائيل بيتنا" مساء أمس أن "الاتفاق مع الفلسطينيين ليس قابلاً للتحقيق لا في السنة المقبل ولا في الجيل المقبل، لأن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس (أبو مازن) ليس قادراً على التوقيع على اتفاق. وقال ليبرمان، الذي يتزعم حزب "إسرائيل بيتنا" اليميني المتطرف، في مقابلة خاصة مع "يديعوت أحرنوت" اليوم إن "الطقوس الاحتفالية التي جرت في واشنطن الأسبوع الماضي لا تختلف عن طقوس مشابهة تمت خلال الأعوام ال 17 الماضية، منذ انطلاق المفاوضات بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية في أعقاب اتفاقات اوسلو، "وكل هذه الاحتفالات لم تقدمنا متراً واحداً، بالرغم من أن الرجال الطيبين في طرفنا قاموا بلفتات طيبة تجاه الفلسطينيين وأطلقوا سراح مخربين وقدموا تنازلات، لكن لم ينجم عن ذلك شيء". وأضاف أن المفاوضات الحالية ستؤول إلى طريق مسدود في أحسن الأحوال، لأن ثمة حاجة لسنوات كثيرة لبناء الثقة بين الطرفين". وزاد أنه كوزير للخارجية "وحيال رفع مستوى التوقعات من المفاوضات في المجتمع الدولي يتوجب عليّ تبريد هذه الحماسة وخفض التوقعات من المفاوضات". وانتقد ليبرمان رئيس حكومته على نثر أوهام عبثية بإمكان التوصل إلى اتفاق خلال عام أو عامين وقال "إنني لا اؤمن بأن يحصل شيء خلال عام او اثنين ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس (أبو مازن) يوقع اتفاق سلام خلال هذه الفترة إذ أنه لم يأت إلى المفاوضات برغبة إنما ذهب إلى واشنطن بعد أن أجبروه على الذهاب".. وتابع أنه رفض المشاركة في الوفد الإسرائيلي إلى واشنطن، "بعد أن قررت أن لا أشارك في صناعة السلام هذه. لن أشارك في أمور لا أؤمن بها". وكرر ليبرمان، الذي سبق أن أقصى نفسه عن الاتصالات مع الفلسطينيين وبات شخصية غير مرغوب بها في واشنطن وعواصم اوروبا فضلاً عن القاهرة وعمان، إنه يعارض مواصلة تجميد البناء وأن أكثر ما يمكن أن يوافق عليه هو تجميد جزئي للبناء في المستوطنات المعزولة في أعماق الضفة الغربية، لكن أضاف مستدركاً أنه لا يعتزم الانسحاب من الائتلاف الحكومي على خلفية هذه المسألة. وكان ليبرمان قال كلاماً مماثلاً مساء أمس في اجتماع لأعضاء حزبه معتبراً "اتفاق سلام شاملاً الذي يعني نهاية الصراع وانتهاء المطالب المتبادلة واعترافاً بإسرائيل دولة قومية للشعب اليهودي هدفاً غير قابل للتحقيق حتى إن قامت إسرائيل بتنازلات تاريخية أو مؤلمة". وكرر دعمه للتوصل إلى اتفاقات مرحلية بعيدة المدى، وقال موقفنا هو أن "لا فائدة أبدا لا في التسويات التاريخية ولا في التنازلات المؤلمة.. لا يجب أن نقدم أية لفتات طيبة أحادية الجانب.. فقط مفاوضات جدية ومسؤولة ولفتات طيبة متبادلة". وأضاف انه يجب الإدراك بأن "أبو مازن" لن يوقع على اتفاق "وفي اقصى الحالات سيهدد بالاستقالة. إنه لن يحارب، ولن يوقع، ولن يستقيل. لذلك يجب التركيز على المشكلتين الأساسيتين: الأمن والاقتصاد".